تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

3وَأَنَا ظَهَرْتُ لإِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ".

ولدينا كذلك موسى عليه السلام، الذى كنت متحرجا أن أورد اسمه بين من ذكر الكتاب المقدس رؤيتهم لله سبحانه وتعالى، إلا أن حرجى زال حين وجدت د. إسرائيل ولفنسون (أبا ذؤيب) يقول ذلك فى كتابه عن "كعب الأحبار"، الذى حصل به على درجة الدكتورية من ألمانيا سنة 1933م، فقد أشار إلى الآيات 18 - 23 فى الإصحاح الثالث والثلاثين من سفر "الخروج" بوصفها دالة على رؤيته عليه السلام لربه. والآيات فعلا واضحة فى الدلالة على ذلك، وإن نفت إمكان رؤية وجهه جل جلاله، بل ظهره فقط، وكأن لله ظهرا وبطنا، ووجها وقفا. وهذا هو نص الآيات الأربع: " فَقَالَ: «أَرِنِي مَجْدَكَ». 19فَقَالَ: «أُجِيزُ كُلَّ جُودَتِي قُدَّامَكَ. وَأُنَادِي بِاسْمِ الرَّبِّ قُدَّامَكَ. وَأَتَرَاءَفُ عَلَى مَنْ أَتَرَاءَفُ، وَأَرْحَمُ مَنْ أَرْحَمُ». 20وَقَالَ: «لاَ تَقْدِرُ أَنْ تَرَى وَجْهِي، لأَنَّ الإِنْسَانَ لاَ يَرَانِي وَيَعِيشُ». 21وَقَالَ الرَّبُّ: «هُوَذَا عِنْدِي مَكَانٌ، فَتَقِفُ عَلَى الصَّخْرَةِ. 22وَيَكُونُ مَتَى اجْتَازَ مَجْدِي، أَنِّي أَضَعُكَ فِي نُقْرَةٍ مِنَ الصَّخْرَةِ، وَأَسْتُرُكَ بِيَدِي حَتَّى أَجْتَازَ. 23ثُمَّ أَرْفَعُ يَدِي فَتَنْظُرُ وَرَائِي، وَأَمَّا وَجْهِي فَلاَ يُرَى» ". وسبب تحرجى السابق هو أن النص لم يقل إنه رأى وجهه بل ظهره فقط، إذ قلت لنفسى: خلنا فى الرؤية الكاملة التى أثبتها الكتاب المقدس لغير موسى، وهو ما تكرر وقوعه فى ذلك الكتاب (يراجع كتاب أبى ذؤيب المذكور/ مطبعة الشرق التعاونية/ شعفاط- القدس/ 1976م/ 32 - 33).

ولكى يتبين الفرق الهائل بين دين محمد وما صنعه قوم شمعون وأمثاله بدينهم نورد هنا ما عقبت به السيدة عائشة الصديقة بنت الصديق أم المؤمنين، رضى الله عنه وأرضاها، على ما بلغها من كلام كعب الأحبار شرحا لقوله تعالى فى الآيتين 13 - 14 من سورة "النجم" عن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ولقد رآه نزلةً أخرى* عند سِدْرة المنتهى وهو أن الله تبارك وتعالى قسم رؤيته بين موسى ومحمد: فكلمه موسى مرتين، ورآه محمد مرتين. لقد سألها بعضهم عند سماعه هذا الكلام من كعب: يا أم المؤمنين، هل رأى محمد ربه؟ فقالت: سبحان الله. لقد وقف شعر رأسى لما قلت، فقد كذب من أخبرك أن محمدا رأى ربه. وقد علق أبو ذؤيب على ذلك قائلا: وليس من شك أن نظرية كعب فى مسألة رؤية النبى لربه هى بعينها المذكورة فى التوراة عن موسى، الذى رأى ربه" (المرجع السابق/ 33). ومن هنا يتضح الفارق العظيم بين دين التوحيدية النقية الصافية تمام الصفاء والنقاء وبين دين عبثت به أيدى من ينتسبون إليه فأفسدوه. ومع هذا يتهم بعض أولئك المنتسبين سيدنا رسول الله بممارسة الوثنية وتأسيس دينه عليها!

وكان أبو ذؤيب قد نقل من تفسير الطبرى كلام عائشة وكعب والشخص الذى سألها بالمعنى لا بالنص، وهأنذا أورد كل ما وجدته فى تفسير سيد المفسرين فى هذا الموضوع بما فيه الخبر الخاص بكعب الأحبار: "حدثنا محمد بن المثنى، قال: حدثنا عبد الوهاب الثقفي، قال: حدثنا داود، عن عامر، عن مسروق، عن عائشة، أن عائشة قالت: يا أبا عائشة، من زعم أن محمدا رأى ربه فقد أعظم الفرية على الله. قال: وكنت متكئا فجلست فقلت: يا أمّ المؤمنين، أنظريني ولا تعجليني. أرأيت قول الله: "وَلَقَدْ رآه نَزْلَةً أُخْرَى"، "وَلَقَدْ رَآهُ بِالأفُقِ المُبِينِ قالت: إنما هو جبريل، رآه مرّة على خلقه وصورته التي خلق عليها، ورآه مرّة أخرى حين هبط من السماء إلى الأرض سادًّا عِظَمُ خلقه ما بين السماء والأرض. قالت: أنا أوّل من سأل النبيّ صلى الله عليه وسلم عن هذه الاَية، قال: هُوَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السّلامُ ... حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا عبد الأعلى، عن داود، عن الشعبي، عن مسروق، عن عائشة رضي الله عنها قالت له: يا أبا عائشة، من زعم أن محمدا رأى ربه فقد أعظم الفرية على الله، والله يقول: "لا تُدْرِكُهُ الأبْصارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأبْصارَ وَما كانَ لِبَشَرٍ أنْ يُكَلّمَهُ اللّهُ إلاّ وَحيْا أوْمِنْ وَرَاء حِجاب". قال: وكنت متكئا فجلست وقلت: يا أمّ المؤمنين، انتظري ولا تعجلي. ألم يقل الله: "وَلَقَدْ رآهُ نَزْلَةً أُخْرَى"، "وَلَقَدْ رآهُ

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير