تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ولم نتطرق من بعيد أو من قريب إلى الأناجيل الأخرى التى تُعَدّ بالمئات، بل اقتصرنا على الأناجيل التى اعتمدتها الكنيسة. فهل يصح أن تتخذ البنت المسكينة ذلك الكتاب مقياسا للصواب والخطإ تحاكم القرآن إليه فى قضية الصَّلْب أو سواها؟

ولقد ظلت الكنيسة تحمّل اليهود على مدار القرون جريمة صلب عيسى عليه السلام، ثم رأيناها فى ستينات القرن الماضى تنسى هذا كله كأن لم يكن، وتبرئ جميع اليهود ما عدا الذين صلبوا المسيح فى زعمهم. فكيف أساغ ضمير البنت الرعناء هذا، وهى التى تستغرب كيف أن القرآن قد صحح الخطأ الذى وقع فيه الناس طوال أزمان بخصوص حقيقة الشخص المصلوب؟ الواقع أنه ليس هناك فرق بين الحالتين، إذ الكنيسة تدعى لنفسها العصمة، مَثَلُها مَثَلُ الإله سواء بسواء! كذلك هل صَلْب المسيح هو وحده الأمر الذى ظل فريق من البشر يعتقد صحته خطأ لمدة متطاولة؟ ترى ماذا تقول فى عُبّاد البقرة؟ هل توافقهم على أنها إله؟ إنهم يؤمنون بهذا لا منذ قرون فقط، بل منذ آلاف السنين. فلماذا تركهم الله طيلة هذا الزمن السحيق دون أن يرسل إليهم من يقول لهم صراحة إنكم مخطئون ثم لا يدعهم إلا وهم موحِّدون؟ بل ماذا تقول فيما قرره القرآن فى مسألة الصلب وأن عيسى عليه السلام لم يُصْلَب ولم يُقْتَل؟ ترى لماذا ترك الله سبحانه المسلمين فى عمايتهم (من وجهة نظر النصارى حسبما يزعمون) فلم يرسل من يصحح لهم الخطأ الذى ضللهم به نبيهم؟ بل لماذا ترك الله اليهود يقتلون المسيح ظلما وعدوانا إذ لم يجترح ما يستحق الصلب بسببه؟ هل يعرف أحد على وجه اليقين علاقة ثورة يوليه بالمخابرات الأمريكية؟ إن هناك من يتهم رجالها بأنهم ضالعون معها، وهناك من يؤكد أنها ثورة تحررية كانت على عداء طوال الوقت مع الأمريكان. فأين الحقيقة؟ لا أحد يدرى، وما زال الناس منقسمين بهذا الشأن. ترى هل هناك من هو موقن يقينا جازما بسر مقتل عبد الحكيم عامر؟ ذلك أن ثمة من يقول إنه انتحر، وفى ذات الوقت ثمة من يتهمون عبد الناصر باغتياله. وما زال الاختلاف فى هذه القضية مستمرا. وبالمثل من قتل كيندى الرئيس الأسبق للولايات المتحدة الأمريكية؟ ومن قتل مارلين مونرو؟ ومن نفذ أحداث سبتمبر 2001م فى الولايات المتحدة الأمريكية؟ الآراء والنظريات مختلفة إلى حد التناقض. والأمثلة لا تنتهى كما هو معروف، فالتاريخ معظمه تخمينات. بل لماذا يترك الله البشر يعانون الويلات من هذا المرض أو ذاك دهورا متطاولة دون أن يهديهم من البداية إلى علاجه كالبلهارسيا مثلا التى كانت معروفة منذ قدماء المصريين على الأقل؟ بل لماذا كان هناك ظلم واستبداد وسرقة وقتل ومؤامرات وحروب ودمار واغتيالات ... دون أن يلوح فى الأفق أن شيئا من ذلك إلى زوال؟ بل لماذا خلق الله الكَبَد والتعب والشقاء فى الدنيا، ولم يجعلها سعادة نقية لا تشوبها شائبة؟

ولسوف ننظر معا فى النصوص الخاصة بالموضوع الذى نحن بإزائه، وهو موضوع محاكمة للمسيح عليه السلام وصلبه ودفنه وقيامته من الموت طبقا لروايات مؤلفى الأناجيل. ولسوف نورد النصوص أولا ثم نثنِّى بتحليلها ومقارنة بعضها ببعض لنرى مدى اتساقها أو اختلافها أو تناقضها، ومن ثم مدى جواز الاستناد إليها فى كتابة التاريخ. ونبدأ بنصوص المحاكمة:

متى (ف 27): "11فَوَقَفَ يَسُوعُ أَمَامَ الْوَالِي. فَسَأَلَهُ الْوَالِي قَائِلاً: أَأَنْتَ مَلِكُ الْيَهُودِ؟ فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: أَنْتَ تَقُول. 12وَبَيْنَمَا كَانَ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ وَالشُّيُوخُ يَشْتَكُونَ عَلَيْهِ لَمْ يُجِبْ بِشَيْءٍ. 13فَقَالَ لَهُ بِيلاَطُسُ: أَمَا تَسْمَعُ كَمْ يَشْهَدُونَ عَلَيْكَ؟ 14فَلَمْ يُجِبْهُ وَلاَ عَنْ كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ، حَتَّى تَعَجَّبَ الْوَالِي جِدًّا.15وَكَانَ الْوَالِي مُعْتَادًا فِي الْعِيدِ أَنْ يُطْلِقَ لِلْجَمْعِ أَسِيرًا وَاحِدًا، مَنْ أَرَادُوهُ. 16وَكَانَ لَهُمْ حِينَئِذٍ أَسِيرٌ مَشْهُورٌ يُسَمَّى بَارَابَاسَ. 17فَفِيمَا هُمْ مُجْتَمِعُونَ قَالَ لَهُمْ بِيلاَطُس: مَنْ تُرِيدُونَ أَنْ أُطْلِقَ لَكُمْ؟ بَارَابَاسَ أَمْ يَسُوعَ الَّذِي يُدْعَى الْمَسِيحَ؟ 18لأَنَّهُ عَلِمَ أَنَّهُمْ أَسْلَمُوهُ حَسَدًا. 19وَإِذْ كَانَ جَالِسًا عَلَى كُرْسِيِّ الْوِلاَيَةِ أَرْسَلَتْ إِلَيْهِ امْرَأَتُهُ قَائِلَةً:

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير