تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

فيا ليت أمي لم تلدني، وليتني * رجعتُ إلى الأمر الذي قال لي عمرْ

ويا ليتني أرعى المِخَاض بقفرة * وكنتُ أسيرًا في ربيعةَ أو مُضَرْ

ويا ليت لي بالشام أدنى معيشةٍ * أجالس قومي ذاهبَ السمعِ والبصرْ

ثم سألني عن حسان: أحيٌّ هو؟

قلت: نعم، تركتُه حيًّا.

فأمر لي بكُسْوَةٍ ومالٍ ونُوقٍ مُوقَرَةٍ بُرًّا، ثم قال لي: إن وجدتَه حيًّا فادفع إليه الهدية وأقرئه سلامي. وإن وجدته ميتًا فادفعها إلى أهله، وانحر الجمال على قبره.

فلما قدمتُ على عمر أخبرته خبر جبلة وما دعوته إليه من الإسلام، والشرط الذي شرطه، وأني ضمنت له التزوج، ولم أضمن له الإمرة. فقال: هلا ضَمِنْتَ له الإِمْرَة؟ فإذا أفاء الله به الإسلام قضى عليه بحكمه عز وجل. ثم ذكرتُ له الهدية التي أهداها إلى حسان بن ثابت. فبعث إليه وقد كُفَّ بصره، فأُتِيَ به وقائدٌ يقوده. فلما دخل قال: يا أمير المؤمنين، إني لأجد رياح آل جفنة عندك.

قال: نعم، هذا رجل أقبل من عنده.

قال: هات يا ابن أخي. إنه كريم من كرامٍ مدحتُهم في الجاهلية، فحلف أن لا يَلْقَى أحدًا يعرفني إلا أهدى إليَّ معه شيئًا. فدفعتُ إليه الهدية: المال والثياب، وأخبرته بما كان أَمَرَ به في الإبل إن وُجِد ميتًا. فقال: وددت أني كنت ميتًا فنُحِرَتْ على قبري. وانصرف حسان وهو يقول:

إن ابن جفنة من بقية معشرٍ * لم يَغْذُهم آباؤهم باللُّومِ

لم ينسني بالشام إذ هو ربُّها * مَلِكًا ولا متنصِّرًا بالرومِ

يعطى الجزيل، ولا يراه عنده * إلا كبعض عطيّة المذمومِ

فقال له رجل كان في مجلس عمر: أتذكر ملوكًا كفرةً أبادهم الله وأفناهم؟ قال: ممن الرجل؟ قال: مُزَنِيّ. قال: أمَا والله لولا سوابق قومك مع رسول الله صلى الله عليه وسلم لطوَّقْتُك طَوْقَ الحمامة.

قال: ثم جهَّزني عمر إلى قيصر وأمرني أن أضمن لجبلة ما اشترط به، فلما قدمتُ القسطنطينية وجدتُ الناس منصرفين من جنازته، فعلمتُ أن الشقاء غَلَبَ عليه في أُمّ الكتاب".

[email protected]

http://awad.phpnet.us/

http://www.maktoobblog.com/ibrahim_awad9

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير