تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

كثير من الأحيان عددا من المصادر والمراجع الإنجليزية والفرنسية والألمانية يريد أن يوهمنا أنه "ولد مقطّع السمكة وذيلها" فى معرفة اللغات الأوربية، على حين أنه فى هذا الميدان مسكين مسكين مسكين. فمن أين للقمنى بهذا النوع من الكتب أو ذاك، وهو المحدود الثقافة؟ ثم إنه قد اتضح تماما أن الدكتورية التى يطنطن بها ويزعم على أساسها أنه أستاذ بالجامعات المصرية، وكأن الجامعات المصرية تلمّ، هى شهادة مزورة ملفقة مشتراة بمائتى دولار. يا بلاش! فهل يجوز أن نصدق شيئا يقوله هذا الشخص؟

ومن هذا الضرب من الكتب التى يغض صاحبها الأصلى الطرف عن الآخذ، إن لم يشجعه ويبتهج بما فعل، مقال ديفيد صمويل مرجليوث المستشرق البريطانى المضرَّس: " The Origins of Arabic Poetry الذى سطا عليه طه حسين وعمل منه كتابه: "فى الشعر الجاهلى"، فقام مرجليوث يدافع عن سيادة "عميد الأدب العربى"، الذى كان لا يزال حِصْرِمًا لم يتزبَّب بعد أو يحصل على لقب العمادة الميمون، قائلا إن البحثين قد ظهرا فى وقت واحد تقريبا، فكيف يسطو طه على كتابى، ولم يكن قد رآه؟ وهو ما استفزنى لما يتضمنه من كذب قارح فألفت كتابى: "معركة الشعر الجاهلى بين الرافعى وطه حسين" وأهويت على جلده السميك بالسياط العلمية، مسميا إيا بـ"الكَيْذُبان"، ومستغربا أن يتنازل بكل هذه البساطة صاحبُ نظريةٍ مثل نظريته عن ملكيتها، وعَهْدُنا بكل باحث أن يحرص على نسبة الريادة لنفسه فى كل شىء يتوصل قبل غيره له حتى لو كانت عطسة، فما بالنا بنظرية كهذه تريد أن تقلب أمر الشعر الجاهلى كله رأسا على عقب، إذ تزعم أنه لم يكن لذلك الشعر وجود بالمرة، بل لم يعرف العرب الشعر أصلا إلا فى العصر الأموى، إلى جانب أن المدة الزمنية التى تفصل بين ظهور البحثين هى عشرة أشهر، وأن مقال مرجليوث قد وصل مصر قبل صدور كتاب طه حسين بشهور طوال قرأته الدوائر العلمية فى مصر أثناءها وعرفت جيدا بما فيه، ومنهم تلميذ طه حسين فى كلية الآداب فى ذلك الوقت: محمود شاكر، وأحمد تيمور باشا ويعقوب صروف ومصطفى صادق الرافعى على سبيل المثال، وأن طه حسين كان صديقا للمستشرقين وكان الذين يحاضرون منهم فى الجامعة المصرية آنئذ يجتمعون فى منزله كل أسبوع على الأقل؟

ومن تلك الكتب أيضا ذلك الكتاب المَعْزُوّ إلى الشيخ على عبد الرازق بعنوان "الإسلام وأصول الحكم"، إذ يشكك علماءُ أجلاءُ فى تلك النسبة ويؤكدون أنه من صنع يد المستشرقين. ويمكن الرجوع مثلا إلى كتاب د. ضياء الدين الريس رحمه الله فى هذا الموضوع: "الإسلام والخلافة في العصر الحديث" حيث يشك الأستاذ الدكتور فى أن يكون عبد الرازق هو مؤلف الكتاب الفعلى، ويؤكد أنه لم يُعْرَف عن الشيخ قط أنه كان باحثا أو مفكرا أو سياسيّا أو مشتغلا بالسياسة، لأنه إنما تلقى ثقافته بالأزهر، ولم ينتج غير مذكرة أو كتيب في علم البيان، ثم لم يضع مؤلفا آخر أو بحثا في السياسة بعد صدور الكتاب الذي كان شيئا شاذّا بالنسبة لسيرة حياته.

وحتى لا أشتت ذهن القارئ أكتفى بشاهد آخر من هذه الشواهد المنتنة، فنحن المتخصصين فى الدراسات العربية والإسلامية نعرف جيدا اسم المستشرق الإيطالى الأمير كايتانى صاحب كتاب "حوليات الإسلام"، إذ لاسمه شنة ورنة لا يتمتع بهما سوى قلة بين المستشرقين. إلا أن هذا الأمير المستشرق صاحب الشنة والرنة قد اتُّهِم بأنه ليس مؤلف ذلك الكتاب، بل مجموعة من المستعربين الإيطاليين على رأسهم ليفى دى لا فيدا. وقد كتب د. عبدالرحمن بدوى فى هذه المسألة ذاكرا أنه كانت هناك قضية فى هذا الشأن نُظِرَتْ أمام المحاكم الإيطالية وحضرها الكتاب الأصليون بوصفهم شهودا حيث اعترف دى لافيدا ببعض مشاركاته فى الكتاب المذكور، ولم يصرح بكل شىء إبقاء على سمعة أستاذه (انظر د. عبدالرحمن بدوى/ دفاع عن محمد صلى الله عليه وسلم ضد المنتقصين من قدره/ ترجمة كمال جاد الله/ الدار العالمية للكتب والنشر/ 96).

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير