تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

أول مرة، ثم انصرفوا. حتى إذا كانت الليلة الثالثة أخذ كل رجل منهم مجلسه فباتوا يستمعون له حتى إذا طلع الفجر تفرقوا، فجمعهم الطريق فقال بعضهم لبعض: لا نبرح حتى نتعاهد ألا نعود. فتعاهدوا على ذلك ثم تفرقوا. فلما أصبح الأخنس بن شريق أخذ عصاه ثم خرج حتى أتى أبا سفيان في بيته فقال: أخبرني يا أبا حنظلة عن رأيك فيما سمعت من محمد؟ فقال: يا أبا ثعلبة، والله لقد سمعت أشياء أعرفها وأعرف ما يراد بها، وسمعت أشياء ما عرفت معناها ولا ما يراد بها. قال الأخنس: وأنا، والذي حلفتَ به. قال: ثم خرج من عنده حتى أتى أبا جهل فدخل عليه بيته فقال: يا أبا الحكم، ما رأيك فيما سمعت من محمد؟ فقال: ماذا سمعت؟ تنازعنا نحن وبنو عبد مناف الشرف: أطعموا فأطعمنا، وحملوا فحملنا، وأعطوا فأعطينا. حتى إذا تحاذينا على الرُّكَب وكنا كفرسَيْ رهان قالوا: منا نبي يأتيه الوحي من السماء! فمتى ندرك مثل هذه؟ والله لا نؤمن به أبدا ولا نصدقه. قال فقام عنه الأخنس وتركه".

"اجتمع عتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة وأبو سفيان بن حرب والنضر بن الحارث (بن كلدة) أخو بني عبد الدار وأبو البختري بن هشام والأسود بن المطلب بن أسد وزمعة بن الأسود والوليد بن المغيرة وأبو جهل بن هشام وعبد الله بن أبي أمية والعاص بن وائل ونبيه ومنبه ابنا الحجاج السهميان وأمية بن خلف أو من اجتمع منهم، قال: اجتمعوا بعد غروب الشمس عند ظهر الكعبة، ثم قال بعضهم لبعض: ابعثوا إلى محمد فكلِّموه وخاصِموه حتى تُعْذِروا فيه. فبعثوا إليه: إن أشراف قومك قد اجتمعوا لك ليكلموك، فَأْتِهم. فجاءهم رسول الله صلى الله عليه وسلم سريعا، وهو يظن أنْ قد بدا لهم فيما كلمهم فيه بَدَاءٌ، وكان عليهم حريصا يحب رشدهم ويعز عليه عنتهم، حتى جلس إليهم. فقالوا له: يا محمد، إنا قد بعثنا إليك لنكلمك، وإنا والله ما نعلم رجلا من العرب أدخل على قومه مثل ما أدخلت على قومك: لقد شتمت الآباء، وعبت الدين، وشتمت الآلهة، وسفهت الأحلام، وفرقت الجماعة، فما بقي أمر قبيح إلا قد جئته فيما بيننا وبينك (أو كما قالوا له). فإن كنت إنما جئت بهذا الحديث تطلب به مالا جمعنا لك من أموالنا حتى تكون أكثرنا مالا، وإن كنت إنما تطلب به الشرف فينا فنحن نسوِّدك علينا، وإن كنت تريد به ملكا ملَّكْناك علينا، وإن كان هذا الذي يأتيك رَئِيًّا تراه قد غلب عليك (وكانوا يسمون التابع من الجن: رئيا) بذلنا لك أموالنا في طلب الطب لك حتى نبرئك منه أو نعذر فيك. فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما بي ما تقولون. ما جئت بما جئتكم به أطلب أموالكم ولا الشرف فيكم ولا الملك عليكم، ولكن الله بعثني إليكم رسولا، وأنزل عليَّ كتابا، وأمرني أن أكون لكم بشيرا ونذيرا، فبلغتكم رسالات ربي، ونصحت لكم. فإن تقبلوا مني ما جئتكم به فهو حظكم في الدنيا والآخرة، وإن تردوه عليَّ أصبر لأمر الله حتى يحكم الله بيني وبينكم. أو كما قال صلى الله عليه وسلم".

"دخلتُ (المتحدث هنا هو العباس عم الرسول ليلة الفتح) على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ودخل عليه عمر فقال: يا رسول الله، هذا أبو سفيان قد أمكن الله منه بغير عقد ولا عهد، فدعني فلأضرب عنقه. قال: قلت: يا رسول الله، إني قد أَجَرْتُه. ثم جلست إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذت برأسه فقلت: والله لا يناجيه الليلة دوني رجل. فلما أكثر عمر في شأنه قال: قلت: مهلا يا عمر، فوالله أنْ لو كان من بني عَدِيٍّ بن كعب ما قلتَ هذا. ولكنك قد عرفت أنه من رجال بني عبد مناف. فقال: مهلا يا عباس، فوالله لإسلامك يوم أسلمتَ كان أحبَّ إلي من إسلام الخطاب لو أسلم. وما بي إلا أني قد عرفت أن إسلامك كان أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من إسلام الخطاب لو أسلم. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اذهب به يا عباس إلى رحلك، فإذا أصبحت فأتني به. قال: فذهبت به إلى رحلي، فبات عندي. فلما أصبح غدوت به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ويحك يا أبا سفيان! ألم يَأْنِ لك أن تعلم أنه لا إله إلا الله؟ قال: بأبي أنت وأمي! ما أحلمك وأكرمك وأوصلك! والله لقد ظننتُ أنْ لو كان مع الله إله غيره لقد أغنى عني شيئا بعد. قال: ويحك يا أبا سفيان! ألم يأن لك أن تعلم أني رسول الله؟ قال: بأبي

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير