تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

أنت وأمي! ما أحلمك وأكرمك وأوصلك! أما هذه والله فإن في النفس منها حتى الآن شيئا. فقال له العباس: ويحك! أسلم واشهد أنْ لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله قبل أن تضرب عنقك. قال: فشهد شهادة الحق فأسلم. قال العباس قلت: يا رسول الله، إن أبا سفيان رجل يحب هذا الفخر، فاجعل له شيئا. قال: نعم. من دخل دار أبي سفيان فهو آمن، ومن أغلق بابه فهو آمن، ومن دخل المسجد فهو آمن. فلما ذهب لينصرف قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا عباس، احبسه بمضيق الوادي عند خطم الجبل حتى تمر به جنود الله فيراها. قال: فخرجت حتى حبسته بمضيق الوادي حيث أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أحبسه. قال: ومرت القبائل على راياتها، كلما مرت قبيلة قال: يا عباس، من هذه؟ فأقول: سليم. فيقول: مالي ولسليم؟ ثم تمر القبيلة فيقول: يا عباس، من هؤلاء؟ فأقول: مُزَيْنَة. فيقول: مالي ولمزينة؟ حتى نَفِدَت القبائل، ما تمر به قبيلة إلا يسألني عنها. فإذا أخبرته بهم قال: مالي ولبني فلان؟ حتى مر رسول الله صلى الله عليه وسلم في كتيبته الخضراء ... قال ابن إسحاق: فيها المهاجرون والأنصار رضي الله عنهم، لا يُرَى منهم إلا الحََدَق من الحديد فقال: سبحان الله يا عباس! من هؤلاء؟ قال: قلت: هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم في المهاجرين والأنصار. قال: ما لأحد بهؤلاء قِبَلٌ ولا طاقة. والله يا أبا الفضل لقد أصبح مُلْك ابن أخيك الغداة عظيما. قال: قلت: يا أبا سفيان، إنها النبوة. قال: فنعم إذن".

والآن ندخل فى كتاب القمنى المذكور، ولكن فى شىء من العجلة يضطرنى إليه ارتباطى مع إحدى المؤسسات العلمية بعقد لمدة أشهر، ذلك الارتباط الذى منعنى فى الأسابيع الماضية من كتابة أى شىء يتعلق بقضية القمنى المعقدة والمتشعبة رغم إلحاح بعض الأصدقاء الكرام ممن يحسنون بهذا القلم أن أنزل إلى الساحة مشاركا فى تلك القضية، وأنا أتعلل لهم بظروفى الخاصة التى تقيدنى عن أخذ راحتى كما يحبون وكما كنت حريا أن أفعل لولاها. فأرجو من هؤلاء الأصدقاء أن يتقبلوا ما سأكتبه هنا على أنه جهد المقل للظروف التى شرحتها لهم ولظروف أخرى لم أذكرها ساعتها، ومنها الكدمة التى أصابتنى فى باطن قدمى منذ أيام وتؤلمنى ألما صعبا، وغير ذلك من الظروف التى لا أريد أن أخوض فيها هنا. وهذا المقال هو ثمرة بضعة أيام استطعت أن أختلسها من وقتى الضيق، وأرجو أن يكون الله قد بارك فيها رغم كل شىء. وقد أكد أحد الملحدين العرب فى منتداهم الحشّاشى على المشباك أن كتاب "الحزب الهاشمى وتأسيس الدولة الهاشمية"، الذى نحن بصدده هنا، سبب من أسباب تضامنه بقوة مع الدكتور سيد القمني، مؤكدا أنه مما يشرّف جائزة الدولة أن ينالها كاتب مثله، وأن الكتب التى ألفها، وبخاصة كتاباه: "رب الزمان" و"الحزب الهاشمى"، كانت كافية لضعضعة بل وزلزلة إيمانه "بالثوابت التاريخية" التي كان يؤمن بها بقوة بحكم نشأته الدينية، وأنه لهذا يقدم جزيل شكره وتضامنه مع شخص القمنى الكريم في مواجهة الظلاميين من كل فكر ودين.

ويدور محور الكتاب المذكور، حسبما وضحنا، على أن أجداد الرسول كانوا يعملون على إحكام تسلطهم على مكة وقريش، وأن عبد المطلب قد استشف بثاقب نظره أن باستطاعة واحد من ذريته إنشاء دولة تضم قبائل العرب المتناحرة تحمل اسم الهاشميين، وأن حفيده محمدا، الذى كان أيامها ولدا صغيرا لا راح ولا جاء ولا يفهم فى السياسة ولا دياولو قد التقط العبارة التى ينسبها القمنى زورا وبهتانا وجهلا وسخفا إلى عبد المطلب، الذى زعم سيد المدلسين والمزورين أنه قالها على مسمع من أولاده وأحفاده، ومنهم محمد الصغير اليتيم الأبوين المكسور الجناح، فالتقطتها ذاكرته فى الحال وخزنتها لليوم الموعود، مع أن عبد المطلب منها بَرَاءٌ براءة الذئب من دم ابن يعقوب. أى أن المسألة هى مسألة مطامع سياسية هاشمية، ولا دين هناك ولا وحى، بل الأمر كله من صنع محمد. ويكفى أن يطالع القارئ عنوان الفصل المسمى: "بنو هاشم من التكتيك إلى الأيديولوجيا" حتى يتبين له ما يريد مؤلف الكتاب فى التو واللحظة، إذ المعنى ظاهر بين لا يحتاج إلى شرح، وهو أن بنى هاشم قد خططوا (أو بتعبير الشيوعيين الحقراء: قد "تكتكوا") لإنشاء دولة يترأسونها، ثم انتقلوا بعد ذلك إلى استغلال الدين (أو "الأيديولوجيا" بتعبير

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير