تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

نعام جافل لم يقسم. ينذر فيها ناذر بمنعم. تكون ميراثا وعقدا محكم. ليست لبعض ما قد تعلم. وهي بين الفرث والدم". ثم يعقب بالقول: إن عبد المطلب ساد في قريش سيادة عظيمة، وذهب بشرفهم ورئاستهم، فكان جماع أمرهم عليه، وكانت إليه السقاية والرفادة بعد المطلب، وهو الذي جدد حفر زمزم بعدما كانت مطمومة من زمن جرهم، وهو أول من طلى الكعبة بذهب في أبوابها من تَيْنِكَ الغزالتين اللتين من ذهب، وجدهما في زمزم مع تلك الأسياف القليعة. ثم يؤكد أن عبد المطلب كان مؤسسا لملة واعتقاد، فيروي عن ابن عباس وابن عمرو ومجاهد والشعبي وقتادة عن ديانة أبي طالب بن عبد المطلب: هو على ملة الأشياخ. هو على ملة عبد المطلب".

ومعنى ذلك أن عبد المطلب هو مؤسس الحنيفية، وأن أبا طالب حين مات إنما مات على هذا الدين. وقد أحال القمنى أو من كتب له الكتاب إلى كتاب "البداية والنهاية" لابن كثير للتدليل على ذلك. فماذا عند ابن كثير فى هذا الموضوع؟ لنقرأ ما كتبه ابن كثير فى كتابه كى نرى مدى أمانة القمنى فى النقل والاقتباس. ولسوف يذهل القارئ من جرأته فى التدليس على ابن كثير. ولكن إذا وضع القارئ العزيز فى ذهنه أن القمنى قد دلس على واحد من المعاصرين دون خجل أو حياء أو تردد، فهل سيكون ابن كثير، الذى مات منذ قرون ولا يستطيع الرد على من يكذب عليه، بمنجاة من شيطانية القمنى ومن يوسوسون له فى أذنه وعقله وقلبه وضميره؟

يقول ابن كثير: "قال ابن إسحاق: ولما اشتكى أبو طالب وبلغ قريشا ثقله قالت قريش بعضها لبعض: إن حمزة وعمر قد أسلما، وقد فشا أمر محمد في قبائل قريش كلها، فانطلقوا بنا إلى أبي طالب فليأخذ لنا على ابن أخيه وليعطه منا، فإنا والله ما نأمن أن يبتزونا أمرنا. قال ابن إسحاق: وحدثني العباس بن عبد الله بن معبد بن عباس، عن بعض أهله، عن ابن عباس قال: لما مشوا إلى أبي طالب وكلموه، وهم أشراف قومه: عتبة بن ربيعة، وشيبة بن ربيعة، وأبو جهل بن هشام، وأمية بن خلف، وأبو سفيان بن حرب في رجال من أشرافهم. فقالوا: يا أبا طالب، إنك منا حيث قد علمت، وقد حضرك ما ترى وتخوفنا عليك، وقد علمت الذي بيننا وبين ابن أخيك، فادعه فخذ لنا منه، وخذ له منا ليكف عنا ولنكف عنه، وليدعنا وديننا ولندعه ودينه.

فبعث إليه أبو طالب، فجاءه، فقال: يا ابن أخي، هؤلاء أشراف قومك قد اجتمعوا إليك ليعطوك وليأخذوا منك. قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا عم، كلمة واحدة تعطونها تملكون بها العرب وتدين لكم بها العجم. فقال أبو جهل: نعم وأبيك، وعشر كلمات. قال: تقولون لا إله إلا الله، وتخلعون ما تعبدون من دونه. فصفقوا بأيديهم ثم قالوا: يا محمد، أتريد أن تجعل الآلهة إلها واحدا؟ إن أمرك لعجب. قال: ثم قال بعضهم لبعض: إنه والله ما هذا الرجل بمعطيكم شيئا مما تريدون، فانطلقوا وامضوا على دين آبائكم حتى يحكم الله بينكم وبينه، ثم تفرقوا. قال: فقال أبو طالب: والله يا ابن أخي ما رأيتك سألتهم شططا. قال: فطمع رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه فجعل يقول له: أي عم، فأنت قُلْها أستحلّ لك بها الشفاعة يوم القيامة. فلما رأى حرص رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يا ابن أخي، والله لولا مخافة السبة عليك وعلى بني أبيك من بعدي، وأن تظن قريش أني إنما قلتها جزعا من الموت لقلتها. لا أقولها إلا لأَسُرّك بها. قال: فلما تقارب من أبي طالب الموتُ نظر العباس إليه يحرك شفتيه، فأصغى إليه بإذنه. قال: فقال: يا ابن أخي، والله لقد قال أخي الكلمة التي أمرتَه أن يقولها. قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لم أسمع.

قال: وأنزل الله تعالى في أولئك الرهط: "ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ* بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي عِزَّةٍ وَشِقَاقٍ ... الآيات". وقد تكلمنا على ذلك في التفسير، ولله الحمد والمنة. وقد استدل بعض من ذهب من الشيعة وغيرهم من الغلاة إلى أن أبا طالب مات مسلما بقول العباس في هذا الحديث: يا ابن أخي، لقد قال الكلمة التي أمرتََه أن يقولها. يعني: لا إله إلا الله. والجواب عن هذا من وجوه: أحدها: أن في السند مبهما لا يُعْرَف حاله، وهو قوله: "عن بعض أهله". وهذا إبهام في الاسم والحال، ومثله يُتَوَقَّف فيه لو انفرد. وقد روى الإمام أحمد والنسائي وابن جرير نحوا من هذا السياق من طريق أبي أسامة، عن

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير