تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ـ[جمال الدين عبد العزيز]ــــــــ[31 Aug 2009, 12:05 ص]ـ

روايات القصة:-

لم تأت رواية صحيحة عند أهل السنة وفيها قصة الغرانيق إطلاقاً؛ وإن كانت بعض الروايات الصحيحة قد أشارت إلى سجود النبي صلى الله عليه وسلم في سورة النجم وسجود المشركين معه، إذ روى البخاري والحاكم وأبو داود وابن حبان والبيهقي وأحمد بن حنبل وابن خزيمة أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ سورة النجم فسجد بها؛ فما بقي أحد من المشركين إلا سجد؛ إلا رجل واحد أخذ حصى أو تراباً فرفعه إلى وجهه ثم قُتل هذا الرجل كافرا فيما بعد، وهذه الروايات الصحيحة لم تتعرض لعبارات الغرانيق ولم تشر إليها على الإطلاق، ولهذا فإنه لا ارتباط ولا علاقة بين هذه الروايات الصحيحة وقصة الغرانيق.

ولكن هنالك روايات ضعيفة ومنقطعة ومرسلة قد رواها ابن جرير وابن المنذر والبزار والطبراني وابن مردويه وابن سعد في الطبقات، وهذه الروايات تذكر أن سبب سجود المشركين مع النبي صلى الله عليه وسلم هو أن النبي صلى الله عليه وسلم عندما قرأ: (أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى) ألقى الشيطان على لسانه: (تلك الغرانيق العلا وإن شفاعتهن لترتجى).

وملاحظ أن لا علاقة البتة بين الروايات الصحيحة والضعيفة إلا سجود المشركين مع النبي صلى الله عليه وسلم عند قراءة سورة النجم، إلا أن الروافض قد أدخلوا هذه في تلك فهاجموا أهل السنة والبخاري.

ـ[جمال الدين عبد العزيز]ــــــــ[31 Aug 2009, 12:06 ص]ـ

أعجوبة النسخ في عبارة الغرانيق:-

ذهب بعض العلماء نحو سعد الدين التفتازاني والإيجي ونظام الدين القمي والكشميري مذهباً عجيباً غريباً؛ إذ ذهبوا إلى أن المقصود بالغرانيق هي الملائكة؛ إذ أن للملائكة أجنحة كما لهذه الطيور والأصنام ما لها من أجنحة؛ ومن ثم ذهبوا إلى أن تلك العبارات كانت قرآناً؛ فلما توهّم المشركون أن المقصود بذلك أصنامهم ووجد الشيطان طريقاً للتلبيس عليهم رُفع هذا القرآن ونُسخت تلاوته، وليس ذلك فحسب بل ذهب الكشميري إلى أن ما يؤيد كونها قرآناً نُسخ - أن ابن حجر والبدر العيني قد أوردا في ذلك روايتين صحيحتين، وقد رد عليه المباركفوري رداً شديداً؛ وذهب إلى أن ذلك: (خطأ فاحش ووهم قبيح) ويبدو أن الكلبي هو أول من قال بأنها كانت من القرآن فنُسخت، وقد رد عليه القشيري بأن هذا غير سديد

ولا يرى الباحث فرقاً كبيراً بين هذا الاتجاه وبين اتجاه المستشرقين إلا من حيث أن هولاء قد ذهبوا إلى أن العبارة لم تقصد الأصنام، والمستشرقون ذهبوا إلى أن العبارة تقصد الأصنام وقد قالها النبي صلى الله عليه وسلم تقرباً لقومه، وهولاء العلماء ذهبوا إلى أنها كانت من كلام الله فنُسخت، والمستشرقون ذهبوا إلى أنها كانت من كلام محمد صلى الله عليه وسلم فغيّر رأيه فيها، وقد ذهب أولئك العلماء هذا المذهب لقوة الربط في أذهانهم بين القصة آية الحج: (فَيَنسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ)، ولكن يبدو واضحاً أن النسخ قد وقع على ما يلقى الشيطان لا على ما ينزله الله،سواء كان ما يلقيه الشيطان كلاماً أو وسوسة أو أوهاماً أو شبهات كما سيأتي.

ولا شك أن ضعف الروايات وتهافتها مغن عن كل تأويل فيها، ولهذا كان لابد من نقد هذه الروايات أولاً وبيان أحوالها وفك الارتباط بينها وبين ما ألصقت بها من آيات وأحاديث.

ـ[جمال الدين عبد العزيز]ــــــــ[31 Aug 2009, 12:07 ص]ـ

نقد روايات القصة:

سبق أن قصة الغرانيق هذه قد رواها الطبري وابن المنذر وابن مردويه وابن سعد والبزار والطبراني، وقد ذهب كثير من العلماء إلى أن هذه الروايات الواهية ضعيفة ومرسلة ومنقطعة، ولم ترد عن أحد من الصحابة إلا ابن عباس، وإذا كانت القصة قد وقعت في السنة الخامسة من البعثة لارتباطها بهجرة الحبشة - فإن ابن عباس قد وُلد بعد وقوع القصة بخمس سنوات؛ مما يدل على أنه لم يشهدها، هذا وإن كانت مراسيل الصحابة في حكم الموصول، لكن هذه القصة لو وقعت ورواها ابن عباس لرويت عن غيره من الصحابة أيضاً، وحادثة بهذه الخطورة لا يمكن إغفالها، ورغم كل ذلك إلا أن الرواية عن ابن عباس ليست موصولة؛ ولهذا ذهب القاضي عياض إلى أن القصة لا أصل لها وإنما أولع بها المفسرون والمؤرخون المولعون بكل غريب،

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير