تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

مائدة الإله. ثم بعد ذلك الدخول في ذلك الاختبار السري اختبار الموت مع الإله. فآلهة الديانات السرية هي آلهة تشترك مع البشر في الألم. وهي تموت ثم تحيا من الموت مرة أخرى. ويجوز المؤمن بها، ذك الاختيار " الموت والقيامة" وبذلك يقال عنه بأنه ولد من جديد، أو أنه جاز اختيار الولادة الجديدة، وهكذا يضمن لنفسه الحياة الخالدة. وبهذه الطقوس يحاول الإنسان أن يتلخص من الشعور بالخطية والتعاسة، ثم يضمن لنفسه الخلود والحياة اللانهائية.

ويقابل هذا كله ذلك المستقبل المظلم الصعب الذي يقابله الإنسان الخارجي الذي لا يقوم بهذه المراسم.

ومع ذلك فلم يحاول أي مؤمن بديانة من هذه الديانات أن يشجب الديانات الأخرى على أنها لا نفع منها أو فيها، ولكنه كان يعتقد أن كل الديانات السرية نافعة، وكثيراً ما كان يشترك في ديانتين أو أكثر ضماناً منه للفائدة ولراحة النفس من العذاب.

وكان يمر في مراحل متعددة تبقى كلها سرية مطلقة لا يعرفها إنسان أخر ممن لم يدخلوا ضمن الأتباع.

هذه هي الخطوط العريضة للديانات السرية. ويستحسن هنا أن ندرس تفاصيل إحدى هذه الديانات كمثل من الأمثال المشهورة التي يقابلها من يدرس ذلك العصر. هذه الديانة اسمها Mithraism.

وكانت ديانة المثرية ديانة شعبية انتشرت بشكل خطير في الإمبراطورية الرومانية في القرن الثاني والثالث الميلاديين، وكانت أكبر منافس للمسيحية، حتى أن رينان الفليلسوف الفرنسي كان يتخيل أنه لو لصارت المسيحية عطب ما يمنعها من الانتشار لصارت ديانة مثرا هي الديانة البديلة لها التي تستولى على عقول الناس، ولكن هذه الديانة أوقفت بقوة القانون في أوائل القرن الرابع عندما أعلن قسطنطين أن الديانة المسيحية أن الديانة المسيحية هي ديانة الدولة الرسمية. ولما حالو بوليانس المرتد إرجاعها فشل زعم ما استخدمه من عنف وقسوة وتنسب هذه الديانة إلى الإله مثرا وهو أحد الآلهة الهندية وقد ظهر اسمه في القرن السادس عشر قبل الميلاد كشاهد قوي على معاهدة ابرمن بين ملكين. وقد كشفت النقوش القديمة على أن آلهة تلك الشعوب كانت تنقسم إلى مجموعتين: المجموعة الأولى هي ألهة الطبيعة، أما المجموعة الثانية هي آلهة المجتمع البشري، وكان مثرا من آلهة المجموعة الثانية وكانت وظيفته هي مراقبة المعاهدات التي يعقدها الأفراد أو الدول بعضها مع بعض، ومراقبة تنفيذ تلك المعاهدات.

ولما ظهرت الديانة الزرادشتية انتقل مثرا من غرب آسيا إلى بلاد فارس، وارتفع في أعين الزرادشين حتى صار الإله الثاني بعد أهوراما زادا إله الخير، وكانوا يطلقون عليه لقب إله النور. ثم ارتفع حتى صار حارس البشرية، الموجود في كل مكان، مراقب كل المعاهدات، والمنتقم من كاسري العهود، والمنتصر في كل الحروب، واخيراً أضحى الوسيط بين الناس وبين أهورا ازادا.

وأخيراً دخل مثرا إلى الإمبراطورية الرومانية وبدأت ديانته تنتشر بين شعوب الإمبراطورية من بدء حكم قيصر تراجان، واتسعت إلى أن فاقت كل الديانات، ويعزي انتشارها هكذا بهذه السرعة وهذا العمق إلى عساكر الجيوش الرومانية الذين اعتنقوها وحملوها إلى أي مكان ذهبوا غليه، ثم إلى أسرى الحروب، الذين حملوها معهم إلى روما قلب الدولة الرومانية.

هذا هو تاريخ مثرا كإله عندما انتشرت في الدولة الرومانية، ولكن هناك أسطورة Myth تحكي قصة حياة مثرا لنفسه، تقول الأسطورة إن مثرا ولد من الصخرة العظمى. وعندما خلق أهورا مازادا الثور العظيم هرب منه، فما كان من مثرا إلا أن تعقبه ثد قدم ذلك الثور ذبيحة حتى يمكن للأرض أن تخصب من دمائه المنبثقة منه. لكن أهوراما إله الشر أراد أنه يمنع تلك الدماء من أن تنسكب على الأرض فتخصبها فأرسل العقارب حتى يمنع مثرا من ذبح الثور. ولكن مثرا انتصر على العقارب وانسكبت الدماء. وكان مع مثرا كلبه الأمين وحية تمتص دماء الثور وهي تعبير عن الخصب والنماء.

هذه هي الأسطورة وهذا هو تاريخ الديانة. ولكن هناك ما هو أهم لنا من تاريخ الديانة وأسطورة الإله. إن المهم لدراستنا هو تلك الطقوس الدينية التي كان يقوم بها معتنقو هذه الديانة.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير