تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وهذا نص ما كتبه الرسام المعروف عن هذا الموضوع فى كتابه: "ذكريات الأحلام القديمة":"قبل ذلك بثلاث سنوات تقريبا (أى فى عام 1959م) قد حزمت حقيبة الكشافة بمتعلقاتي، وأخذت طريق مصر الاسكندرية الزراعي هدفا لي علي قدمي، حيث قررت أن أهجر أسرتي ومدينتي والدنيا كلها وأن أنعزل في التكية البكتاشية بجبل الجيوشي وأن أمشي بملابس الكشافة التي تحميني من فضول الآخرين لأنه لم يكن معي ما يكفي لركوب القطار، أمشي حتى القاهرة متوجها إلى التكية في جبل المقطم لأعيش هناك مع الدراويش بعيدا عن مشاكل أسرتي وخناقات أمي المتكررة معي لأني أرسم في المنزل، فيتسخ الأثاث وهي لا تتحمل مثل هذه الأمور. أتذكر أني مشيت بضعة كيلومترات حتى توقفت سيارة نقل لأستقلها حتي مدخل مدينة دمنهور فأدخلها مع الليل وينتابني الخوف فأقطع تذكرة رجوع للإسكندرية بما معي من نقود قليلة مؤجلا مشروع دروشتي المبكر إلى وقت آخر لم يأت بعد".

ليس ذلك فحسب، بل لو كانت هناك مثل تلك التكية المزعومة فى دمنهور ما مرت هذه المسألة مرور الكرام ولكان لتلك التكية شأن فى الحياة العامة يشبه، ولو إلى حد ما، شأن التكية التى كانت بالقاهرة على ما يصوره لنا قلم داوستاشى نفسه حين زارها فى بدايات ستينات القرن المنصرم برفقة والده: "كان زي الدراويش مكونا من جلباب يتوسطه حزام عريض كان يوضع فيه فيما مضى بعض الأشياء، وربما أسلحة وعصا البكتاشية. وفوق هذا الجلباب والحزام القماش الملفوف على الوسط ارتديت عباءة خفيفة من القطن صيفا، وثقيلة من الصوف شتاء، ثم ارتديت طربوشا أو عمامة البكتاشية، وهي ذات 12 ضلعا بعدد الأئمة الاثني عشر في المذهب الشيعي، ثم وضعت حول رقبتي قلادة من حجر لامع أشبه بحجر التلك علي شكل نجمة اثنتي عشرية هي الأخرى على ما أتذكر. ولعل التفاصيل بالصور أكثر وضوحا، تبدو فيها الملابس كلها فاتحة من اللون الأبيض الي الرمادي. لم تكن الصور الملونة قد ظهرت بعد ولا أعرف الألوان بدقة. وعليَّ أن أعثر على صور ملونة لبابا سري في تكية المغاوري بملابسه. وأتذكر أن مجلة "آخر ساعة" كانت قد صورته في حياته اليومية بالتكية وهو يتجول في سوق الخضار أو مع ضيوفه. كان شخصية مشهورة في ذلك الوقت، وكانت التكية ملتقي شخصيات عالمية مختلفة: بعضهم ملوك وأمراء، وآخرون سياح ومستشرقون، ونجوم السينما والسياسة والمجتمع في مصر. في ذلك الوقت من عام 1962 كنت أبلغ من العمر تسعة عشر عاما مفعما بالحياة والحركة. لم يكن اهتمامي الديني قد نضج، ولم أكن أصلي الا صلاة الجمعة مع أبي في مسجد أبي العباس، ولم يخطر ببالي أن أصبح درويشا، وإن كنت مبهورا بحياتهم خاصة في تكية المغاوري الأسطورية".

ويذكر كاتب مادة "دمنهور" فى موسوعة "الويكيبيديا" المعالم الأثرية التى تتميز بها مدينة دمنهور فيوردها على النحو التالى: "مسجد التوبة ثانى مسجد في أفريقيا بعد مسجد عمرو بن العاص، ومسجد الحبشي بُنِيَ في اوائل القرن العشرين، وهو تحفة معمارية رائعة، وأوبرا دمنهور: بُنيت في عهد الملك فؤاد. تم تجديد دار الاوبرا وترميمها لتعود لشكلها الأول الجميل، ومبنى مكتبة البلدية: بني في عهد الملك فؤاد، ومبنى مدرسة دمنهور الثانوية العسكرية: تحفة معمارية رائعة بنيت في عهد الملك فؤاد، ومبنى دار الاسعاف: بُنِيَ في عهد الملك فؤاد، وبها مستشفى تعليمي، وكوبري فلاقه المتحرك". وكما يرى القارئ ليس هناك أدنى إشارة إلى أية تكية فى تلك المدينة المظلومة مع عباس الهلاس. كذلك لم أجد أدنى إشارة إلى التكية فى موقع مدينة دمنهور أو فى أى موضع آخر على المشباك.

ولقد كتب نجيب محفوظ عن التكية فى أكثر من عمل قصصى له، فكيف لم يحدث أن تحدث عن تكية دمنهور أحد من تناولوا تلك المدينة فى أعمالهم أو كانوا من أبنائها أو كانت لهم بها علاقة قوية، كتوفيق الحكيم، الذى يقال إنه كتب روايته الشهيرة: "يوميات نائب في الأرياف" على مقهى الأديب عبد المعطى المسيرى فيها، ومحمد فريد أبو حديد فى "أنا الشعب" أو عبد المعطى المسيرى فى أى من كتبه أو أقاصيصه، أو يس الفيل (الذى عمل كاتبا بمنطقة دمنهور التعليمية، وأحد مؤسسي جمعية الأدباء بدمنهور) فى أى من قصائده أومسرحياته أو قصصه، أو د. عبد الوهاب المسيرى فى سيرته الذاتية، أو محمد صدقى الأديب الماركسى فى أى

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير