تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

من قصصه، أو خيرى شلبى فى "وكالة عطية" مثلا؟

والداهية الدهياء هو أن يقول كاتب المقدمة إن عباس الهلاس كان يعمل "مديرا" للتكية. بالله متى كان المشرف على التكية يسمى: "مديرا"؟ أنحن فى جمعية استهلاكية؟ إن مثل ذلك المشرف إنما يلقب بـ"شيخ التكية". وبالمناسبة فهناك رواية مشهورة صدرت أوائل الخمسينات من القرن البائد فى سلسلة "اقرأ" المصرية بعنوان "شيخ التكية" لمحمد عبده عزام. " شيخ" لا "مدير"! لكن شاء الله الذى لا تُرَدّ له مشيئة رغم أنف مؤلف الكتاب الكافر الذى يحادّ الله ورسوله أن يفضح اللصوص مخرجى هذا الفلم الهندى الردىء فأوقعهم فى شر أعمالهم ليرتكبوا هذا الخطأ الفاضح ويعرف الناس أنه لا مكان فى الدنيا لما يسمى بـ"الجريمة الكاملة".

كذلك وقع كاتب المقدمة فى مصيبة أخرى فاضحة، إذ استخدم للتعبير عن "وزارة الأوقاف" عبارة "دائرة الأوقاف الإسلامية" (ص5)، مما لا يعرفه المصريون، إذ يقولون: "وزارة الأوقاف" لا "إدارة الأوقاف"، فضلا عن أننا فى مصر لا نصفها بـ"الإسلامية" لأنه لا يوجد عندنا فى الحكومة إلا أوقاف إسلامية. ومعروف أن العرب غير المصريين يستعملون مصطلح "دائرة" للدلالة على المصالح الحكومية. ومعنى هذا أن كاتب المقدمة ليس مصريا. وهذا يذكرنى بما ثار فى ستينات القرن الماضى بخصوص وثيقة سياسية ورد فيها اسم "الاتحاد السوفييتى" بألف بعد الياء (هكذا: السوفياتى)، فكان هذا دليلا على أنها مفبركة فى بيروت وليست صادرة عن مصر لأننا فى مصر نكتبها بياءين على عكسهم فى لبنان، إذ يكتبونها بألف بعد الياء. فانظر أيها القارئ كيف تكون مثل هذه الدقائق الصغيرة فيصلا فى تلك القضايا الخطيرة. وهو ما يشبه ما نحن فيه الآن. ليس هذا فحسب، إذ يسمِّى عباس ابن نسناس العرقسوس: "ماء السوس" (ص262) كما يقول إخواننا فى الشام مثلا، وهو ما لا تجده فى مصر أبدا. وعلى ذكر السوس فإن لى صديقًا من علماء سورية كان يعمل معنا فى جامعة أم القرى بالسعودية، وكان كلما زرته فى بيته قال لى: ما رأيك فى أن أُحْضِر لك "السوس"؟ ذلك أنه يعرف مدى حبى للعرقسوس!

بل إنى لا أتصور أن يكون الكتاب قد طُبِع فى مصر أصلا، ناهيك بدمنهور تلك المدينة الصغيرة التى لو كان الكتاب قد تم طبعه فيها لعُرِف الطابع على الفور وكانت فضيحة. بل إننى لأتصور أن الكاتب ليس مصريا، وربما ليس مسلما رغم كل الآيات والأحاديث التى يناقشها ويستشهد بها. ذلك أن مثل تلك الاستشهادات ليست من الصعوبة بمكان. ولعل من الضرورى، لدلالته ذات المغزى، أن أنبه إلى الطريقة التى يحيل بها الكاتب إلى مواضع الآيات القرآنية، إذ تعتمد فى معظم الحالات على ذكر رقم السورة كعادة المستشرقين والمبشرين لا على اسمها، وفى المرات النادرة التى يذكر فيها اسم السورة نراه يعقبه بذكر رقمها. وغير بعيد كتاب "الفرقان الحق"، الذى أكثر فيه ملفقه النصرانى الفلسطينى من إيراد العبارات القرآنية وتقليدها والنسج على منوالها. وهناك عبد الله العربى، مترجم المقدمة التى مهد بها المحامى البريطانى المولود فى نهاية القرن السابع عشر: جورج سيل (أو جرجيس صال) لترجمته الإنجليزية للقرآن الكريم. لقد صاغها المدعوّ: عبد الله العربى بعربية متينة ولا عربية أجعص شيخ أزهرى من الأزاهرة المودَّكين، وهو مع ذلك نصرانىٌّ قُحٌّ من نصارى الشام فيما أتصور.

كذلك هل يمكن التصديق بأن رجلا يذهب إلى باريس ويحصل على دكتوراه فى الفلسفة ثم يعود فيشتغل خطيبا فى مسجد، مثله مثل أى شخص عادى ليس معه دكتوراه؟ والمضحك أن يزعم كاتب المقدمة بأن وزارة الأوقاف المصرية هى التى أرسلته إلى عاصمة الفرنسيس فى بعثة دراسية للحصول على دكتوراه فى الفلسفة. ترى ما علاقة الأوقاف بالفلسفة؟ بل ما علاقتها بعباس المحتاس، وهو لم يكن خريج أزهر، بل كان حاصلا على ليسانس كلية الآداب من جامعة فؤاد؟ ومما يبعث على القهقهة أن يقول الكاتب إنه ترك كلية أصول الدين وهو فى السنة الثالثة إلى كلية الآداب. ترى هل هذا ممكن؟

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير