تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وفى ص155 - 157 يزعم أن قوله تعالى فى الآية 106 من سورة "النحل": "مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ" غير قابل للفهم أبدا. قال الجاهل الغبى هذا رغم أنه كلام ساطع الوضوح. وهذا نص تهكمه: "أستحلفكم بمن تحبون: هل فهمتم شيئا؟ قلت فى نفسى: لعل فى هذه الآية خطأ فى النسخ أو لعل فيها كلمة ناقصة أو كلمة محرفة. فرجعت إلى طبعات مختلفة من النسخ كتبت فى أزمنة مختلفة عسى أن أجد بينها اختلافا ما، ولكن عبثا. فهناك تطابق تام بين جميع النسخ، وفى جميع الأزمان والأمكنة. هل هذا حقا كلام رب العالمين الذى تحدى الإنس والجن ان يأتوا بمثله؟ أعان الله المفسرين الذين ينحتون الصخر ليحصلوا على قليل من الماء. إن جميع المسلمين فى مشارق الأرض ومغاربها يتلون هذه الآية صباح مساء فى صلواتهم وعباداتهم ويسمعونها فى إذاعات القرآن الكريم من غير أن يشعر أى منهم بأى ضعف فيها أو تشويش أو نشاز. لقد تكسرت النِّصَال على النِّصَال فلا يبالى المؤمن على أى جنب كان "مقتله"، فقد تبلد الحس اللغوى ورثَّتْ ذائقته وضعفت سليقته. لقد مات الشعور بالنشار فيه فيما يتصل بآيات القرآن فقط، وبقى سليما معافى فى كل شىء آخر. كل شىء فيه لا يزال على فطرته الأولى، بل ازداد دقة وأداء واكتسب مهارات وقدرات ومواهب فى كل شىء إلا ها هنا ... ولعل هذا الكتاب يُحْدِث لديهم أو لدى طائفة منهم على الأقل صدمات موجعة، فهناك فن جديد من العلاج هو العلاج بالصدمات".

وجوابى على هذا الكلام هو أن الله، حقا وصدقا، قد تحدى الإنس والجن أن يأتوا بمثل هذا القرآن، لكنْ لم يحدث أن تحدى الحمير أن يفهموه، فشتان هذا وذاك أيها الحمار المسمى: عِبْس! ذلك أن الحمار فى القرآن رمز على الغباء وعدم القابلية للفهم: "مَثَلُ الذين حُمِّلوا التوراةَ ثم لم يَحْمِلوها كَمَثَل الحمار يَحْمِل أسفارا". وماذا تصنع الحمير بالكتب التى تحملها فوق ظهرها؟ لا شىء! ولقد وقعتَ يا ذا الحوافر فى أكثر من غلطة: فأولا قد فصلت الآية عن الآية التى قبلها رغم ارتباطهما عضويا، إذ إن آيتنا الحالية هى بدل من الاسم الموصول المذكور بالآية السابقة. هكذا: "إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْكَاذِبُونَ (105) مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (106) ". وثانيا حتى لو تابعناك على فصلك الآيتين فليس ثم أسهل من فهم الآية الثانية على وضعها هذا، إذ يكون معنى الكلام كالآتى: "إن من يكفر بالله من بعد إيمانه فعليه غضب من الله، وله عذاب شديد، إلا إذا كان كفره على سبيل الإكراه، وكان كفرا ظاهريا لم يتغلغل فى قلبه ولم ينشرح له صدره". ترى ما وجه الصعوبة يا عبس فى فهم هذه الآية، إلا أن يكون المتصدى لفهمهما حمارا مثلك؟ وإذا كنتَ قد تحدثتَ عن العلاج بالصدمات فإننا نتحدث عن نوع آخر من العلاج هو العلاج عن طريق الصفع بالجزم والانهيال بها على وجوه بعض الحمير من البشر. وهو علاج مجرَّب وثبتت نجاعته! بالله أعندك بعض شىء من الدم؟ أمثلك يخطِّئ القرآن؟ أفى هذه الآية أية صعوبة يا أيها التافه الغبى؟ ألا لعنة الله على الغبيين التافهين من أمثالك من هنا إلى يوم الدين!

وفى "أسباب النزول" للواحدى نقرأ عن هذه الآية ما يلى أيها الحمار: "قال ابن عباس: نزلت في عمّار بن ياسر، وذلك أن المشركين أخذوه وأباه ياسرًا وأمه سمية وصُهَيْبًا وبلالاً وخَبّابًا وسالمًا: فأما سمية فإنها رُبِطَتْ بين بعيرين ووُجِئَ قُبُلُها بحربة، وقيل لها: إنكِ أسلمتِ من أجل الرجال. فقُتِلَتْ وقُتِل زوجها ياسر. وهما أول قتيلين قُتِلا في الإسلام. وأما عمّار فإنه أعطاهم ما أرادوا بلسانه مكرها. فأُخْبِر النبي صلى الله عليه وسلم بأن عمارًا كفر، فقال: كلا إن عمارًا مُلِئَ إيمانًا من قَرْنه إلى قَدَمه، واختلط الإيمان بلحمه ودمه. فأتى عمارٌ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم وهو

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير