تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

يبكي، فجعل رسول الله عليه الصلاة والسلام يمسح عينيه، وقال: إنْ عادُوا لك فعُدْ لهم بما قلتَ. فأنزل الله هذه الآية. وقال مجاهد: نزلت في ناس من أهل مكة آمنوا، فكتب إليهم المسلمون بالمدينة أنْ: هَاجِروا، فإنا لا نراكم منا حتى تهاجروا إلينا. فخرجوا يريدون المدينة، فأدركتهم قريش بالطريق ففتنوهم مكرهين. وفيهم نزلت هذه الآية".

وفى ص157 - 158 يزعم عِبْس أن قوله تعالى على لسان موسى لفرعون: "وتلك نعمةٌ تَمُنُّها علىَّ أنْ عَبَّدْتَ بنى إسرائيل" غير قابل للفهم لأن فيه خَرْمًا، أى سقطت منه بعض الألفاظ، ويقترح إضافة من عنده لتكمل الآية ويتضح المعنى، مع أن الآية واضحة تماما، فهى لون من الاستفهام الإنكارى. قال، فَضَّ الله فاه، وعَمِيَتْ عيناه: "وهاكُمْ آيةً أخرى تشبه الآية السابقة فى الضعف والركاكة لم أفهم منها شيئا، فسَرِّحوا النظر فيها لعلكم أَحَدُّ منى بصرا وأكثر فهما، على أن تبتعدوا عن المفسرين الميامين الذين يجدون فيها كل شىء! لا بأس أن ترجعوا إلى كتب التفسير بل يجب أن ترجعوا إليها، على أن يكون ذلك بمنتهى الحذر: "وَإِذْ نَادَى رَبُّكَ مُوسَى أَنِ ائْتِ الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ* قَوْمَ فِرْعَوْنَ أَلاَ يَتَّقُونَ؟ " (26/ 10 - 11). وفى حواره مع فرعون سأله هذا: "أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينَا وَلِيدًا وَلَبِثْتَ فِينَا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ (18) وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِي فَعَلْتَ وَأَنْتَ مِنَ الْكَافِرِينَ (19) قَالَ فَعَلْتُهَا إِذًا وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ (20) فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْمًا وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُرْسَلِينَ (21) وَتِلْكَ نِعْمَةٌ تَمُنُّهَا عَلَيَّ أَنْ عَبَّدْتَ بَنِي إِسْرَائِيلَ (22) ".

الآية اللغز هنا هى الآية الأخيرة، وما سبق من الآيات فهو تمهيد لها. اقرأوها ثم أعيدوا قراءتها مَثْنَى وثُلاثَ ورُبَاعَ وعُشَارَ، وزيدوا فى القراءة ما تشاؤون، وقولوا لى بصدق وإخلاص: "أفهمتم شيئا؟ "، وأنا لكم من الشاكرين. أنا لم أفهم كيف يكون التعبيد (أى الاستعباد كما يقول المفسرون) نعمة يمنّ بها فرعون على موسى. وإذا أُرِيدَ لهذه الآية أن يكون لها معنى فلا بد من قراءتها على الشكل التالى: "وتلك نعمةٌ يمنّها الله علىَّ". أى "أن أكون من المرسلين نعمةٌ يمنّها الله علىَّ". أما بقية الاية: "أَنْ عَبَّدْتَ بَنِي إِسْرَائِيلَ" فهى محرفة لا معنى لها، أو هى بقية آية منسوخة أو شىء من هذا القبيل. وقد تلقاها النساخ والقراء والمقرئون على الوجه الذى ورد فى القرآن كما يتلقى الصُّمّ والبُكْم والعُمْى ما يُلْقَى إليهم بلا اعتراض ولا معارضة، بل يقولون: "كُلٌّ من عند ربنا". وجاء المفسرون من بعدهم فلم يجرؤوا على إحداث أى تغيير فيها، وتفننوا فى اختلاق شتى المعانى لها، ولم يقل أى منهم: لا ترهقوا أنفسكم، فالآية على هذا الوجه لا معنى لها! ".

وأول شىء أود أن أعقّب به على هذا القىء بل على هذا السَّلْح الفكرى هو إقرار عبيطنا الأخرق أن المسلمين لم يفكروا فى المسّ بالنصّ القرآنى رغم كل شىء. فما دلالة هذا لدن العقلاء المحترمين؟ أليس أن المسلمين لا يعرفون تحريف النصوص المقدسة؟ ألا يعنى هذا أنهم قوم محترمون؟ ألا يعنى هذا أنهم أهل للثقة أحرياء أن يطمئن إليهم الآخرون؟ أما هو فلأنه من قوم ضَرِيَتْ أيديهم (أى تأكلهم أيديهم) على التحريف نراه يدعونا إلى العبث بالنص وتغييره! فلعنة الله على المحرفين العابثين!

وثانى شىء هو إعادة ما قررناه قبل قليل من أن الكلام الذى قاله موسى لفرعون هو استفهام إنكارى، ولكننا نقوله هذه المرة بشىء من التفصيل. ولقد طرحتُ هذا التفسير بمجرد أن قرأت اعتراض ذلك السالح وقبل أن أنظر فى أى كتاب من كتب تفسير القرآن. ثم عدت إلى بعض تلك الكتب لأنظر فيما قالته فوجدت الطبرى مثلا يقول ضمن تفسيرات أخرى: "وقال آخرون: هذا استفهام كان من موسى لفرعون، كأنه قال: أتمنّ عليّ أن اتخذت بني إسرائيل عبيدا؟ ذكر من قال ذلك: حدثنا الحسن، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قَتادة، في قوله: "وَتِلْكَ نِعْمَةٌ تَمُنُّها عَليَّ". قال: يقول موسى لفرعون: أتمنّ عليّ أن اتخذت أنت بني إسرائيل عبيدا؟ واختلف أهل العربية في ذلك، فقال بعض نحويي البصرة: "وتلك

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير