تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

والجليّ أنّ الحديث عن سعة السماء ليس المقصود منه طرح نظرية علمية لأنه انتزاع للآية من سياقها وليس هدفًا للسورة بحال من الأحوال، بل المقصود توجيه نظر الإنسان وقت نزول القرآن الكريم والآن وفي المستقبل إلى مشهد بديع يملأ العين والقلب بعشرات الأفكار والمشاعر، ويبني الإنسان بناءً نفسيًّا إيجابيًّا نحو تعظيم الله والخضوع له والثقة به سبحانه وتعالى إلخ ... ، ويدفعه إلى الفرار إلى الله تعالى، وإلى عدم الإشراك به تعالى.

الثاني: قال تعالى: "أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقاً فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاء كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ" (الأنبياء،30).

ربط كتّاب الإعجاز العلمي في القرآن الكريم بين قوله تعالى: "أنّ السماوات والأرض كانتا رتقًا ففتقناها" وبين نظرية الانفجار العظيم ( Big Bang) التي اكتشفت مؤخّرًا، والتي قالت إنّ انفجارًا عظيمًا حدث في الفضاء قبل ملايين السنين، انفصلت بعده الأرض، وبدأت التشكّل، واعتبروا أنّ هذه الآية تشير إلى هذه النظرية، وكما قلنا سابقًا إنّ هذا اعتساف في استعمال النصوص، لأنّ الآية يجب أن يُنظر إليها من خلال السياق القرآني أي من خلال النظر إلى ما قبلها وما بعدها من الآيات لنفهم المعنى الذي تشير إليه، فنجد أنّ الآيات التي سبقت الآيات السابقة تحدّثت عن نفي الشريك لله تعالى، ثم جاءت بعدها آيات تحدّثت عن الأرض والجبال الرواسي، وعن الفجاج في هذه الجبال، وعن السماء والليل والنهار، وعن الشمس والقمر، قال تعالى: "أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقاً فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاء كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ. وَجَعَلْنَا فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَن تَمِيدَ بِهِمْ وَجَعَلْنَا فِيهَا فِجَاجًا سُبُلاً لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ. وَجَعَلْنَا السَّمَاء سَقْفًا مَّحْفُوظًا وَهُمْ عَنْ آيَاتِهَا مُعْرِضُونَ. وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ" (الأنبياء،26 - 33).

"

بالنظر في السياق إلى آية "الانفجار العظيم"، نجد أنها لا تشير إلى فتق السماوات والأرض, بل تشير هي والآيات التي بعدها إلى أنّ هناك إلهًا واحدًا هو الذي يدبّر نزول الماء ويقيم الجبال في الأرض، ويحفظ السماء من أن تقع على الأرض، من أجل استمرار الحياة

"

وبالنظر في سياق آية "الانفجار العظيم"، نجد أنها لا تشير إلى مثل هذا بحال من الأحوال، بل إنها تشير هي والآيات التي بعدها إلى أنّ هناك إلهًا واحدًا هو الذي يدبّر نزول الماء ويقيم الجبال في الأرض، ويحفظ السماء من أن تقع على الأرض، وهو الذي خلق الليل والنهار والشمس والقمر من أجل استمرار الحياة، وأنّ وجود إله واحد هو الذي جعل الأمور السابقة متساوقة، ويكمل بعضها بعضًا، ولا يتناقض فيها أمران، ولا تتدافع ظاهرتان إلخ ... ، فالجليّ أنّ الحديث عن السماوات والأرض المقصود منه التدليل على وحدانية الله، ومما يؤكّد ذلك أنّ المفسّرين القدماء فسّروا الآية المذكورة فقالوا: إنّ السماوات والأرض كانت مغلقتين ففتحناهما، فالسماء فتحها الله بإنزال الماء منها، والأرض فتحها بأن انبثق النبات منها، ومما يدعم هذا التفسير هو انتهاء الآية بقوله تعالى: "وجعلنا من الماء كل شيء حي أفلا يؤمنون" وهي تشير إلى أنّ إنزال الماء من السماء هو السبب في حياة كل المخلوقات: الإنسان والحيوان والنبات.

الثالث: قال تعالى: "وَأَنزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ" (الحديد،25).

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير