تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ـ[جمال السبني]ــــــــ[05 Feb 2010, 09:15 م]ـ

1. أنا في تصحيح الأحاديث كَلٌّ على أهل الاختصاص الثقات. أما الفهم فشأن آخر.

2. لاحظتُ أن مدار السند في كل ما ذكرت من أسانيد صحت أم لم تصح على إبراهيم التيمي عن أبيه. ولم يشذ عن ذلك سند واحد مما ذكرتَ، ولا أدري إن كان للحديث أسانيد أخرى. وكلها تقريباً تدور على الأعمش عن إبراهيم التيمي عن أبيه. وستدرك مقصدي من ذلك بعد قليل.

3. إذا خالف الثقة من هم أوثق منه ضعف حديثه، فكيف إذا خالف الثقة أهل الأرض جميعاً من مسلمين وغير مسلمين. ثم نحن لا نقبل في إثبات دَين إلا شهادة عدلين ونقبل في إثبات دِين شهادة عدل واحد (لعله الأعمش، لعله إبراهيم، لعله والد إبراهيم) وهذا الواحد يخالف بدهيات أطبق عليها أهل الأرض؟!!

نعم. تنتهي الأسانيد كلها إلى سلسلة (الأعمش ـ إبراهيم التيمي ـ يزيد التيمي). إذن لم يشتهر الحديث في كل الطبقات. ولكن يجب أن تلاحظ ـ أخي العزيز ـ تصحيحات أهل العلم بالحديث، فقد أخرجه الحديث البخاري ومسلم وغيرهما. وصحّحه الألباني في تعليقته على الجامع الصغير وهي بعنوان (صحيح الجامع الصغير وزيادته "الفتح الكبير" إذ قال عن الحديث الذي أخرجه مسلم: (صحيح) اهـ. انظر: محمد ناصر الدين الألباني، صحيح الجامع الصغير وزيادته (الفتح الكبير). المكتب الإسلامي، بيروت. الطبعة الثالثة. 1988. جـ. 1، ص. 78.

وقال الترمذي عن الحديث الذي أخرجه: (هذا حديث حسن صحيح).

وقال أيمن صالح شعبان في تخريج الحديث: (صحيح)، ثم ذكر أسانيد الحديث.

وغير ذلك من التصحيحات.

ثم أنت تضعِّف الحديث بأن الناس جميعا يخالفون هؤلاء الرواة فيضعف الحديث، وبأن الحديث من رواية الواحد وأن هذا الواحد يخالف بديهية أطبق عليها أهل الأرض.

سيدي أبا عمرو!

لا يهمّ أنك تؤمن بالموضوع أو لا. يمكنك أن تقول إن النبي صلى الله عليه وسلم فسر الظاهرة الطبيعية بالفكرة السائدة في ذلك الزمان عن دوران الشمس حول الأرض، ويمكنك أن تقول إن النبي صلى الله عليه وسلم تحدث عن أمر من أمور الدنيا والناس أعلم بأمور دنياهم. كما يمكنك أن ترفض الحديث جملة وتفصيلا وترفض أن النبي صلى الله عليه وسلم قال شيئا كهذا، ويمكنك أن تقول أنك لا تأخذ دينك عن طريق الراوي الواحد وأن هذا مجرد خبر يمكنك الاستغناء عنه.

ولكن لا يجب أن يكون معيارُك لنقد الحديث هو أنك لا تؤمن بالفكرة.

والفكرة التي يتضمنها هذا الحديث، هي أن الشمس تطلع وتجري في السماء ثم تغرب، وهذه الأحداث (الطلوع والجريان والغروب) هي أحداث يحسّ بها الإنسان ويراها بأم عينيه. فأما أن حقيقة الموضوع شيء مغاير وأن ما يجري حقيقة هو أن الأرض تدور حول نفسها فيبدو الأمر وكأن الشمس تدور حول الأرض؛ فهذا شيء آخر. المهم أن الآية الكريمة والحديث الشريف ذكرا ظاهرة طبيعية يراقبها الإنسان منذ فجر البشرية وهي طلوع الشمس وجريانها في السماء ثم غروبها وانقطاعها عن الجريان إلى أن ينتهي الليل فتطلع من جديد. والقرآن الكريم يلفت نظر الإنسان إلى هذه الظاهرة وهي تعاقب الليل والنهار بطلوع الشمس وغروبها. ولا إشكال في الموضوع. ما لفت القرآن الكريم نظر الإنسان إليه هو حقيقة ظاهرة يحسّ بها الإنسان، وما أثبته العلمُ الحديث حقيقة فلكية تحسّ بها الآلات والوسائل الفلكية. القرآن الكريم يخاطب الإنسان ويخاطب في الإنسان تركيبته الذهنية التي اعتادت على مناظر شروق الشمس وغروبها وانقطاعها عن الجريان في الليل. وكذلك الحديث النبويّ مداره على هذه الظاهرة التي هي ظاهرة طبيعية ـ إنسانية، أي طبيعية ولكن يُلاحظها الإنسان، وأقصد الإنسان بإمكاناته الطبيعية وليس بالآلات.

أعرف أن الموضوع صعب وشائك بالنسبة للمسلم، وأن المسلم يحتار في هذه المواضيع. ولكنني أعتقد أنه يمكن التوفيق بين ما ورد في النصوص عن الطبيعة وبين ما أثبته العلم الحديث عن الطبيعة، من دون أن نستشكل النصوص ومن دون أن نكذّب العلم الحديث. والموضوع يحتاج إلى التفكير السليم وإلى التعاون والتكاتف والتبصر.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير