تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

المهم الذي أعود إلى تأكيده هو أنه لا يجوز لأي واحد، أن يغيّر معنى الآيات والنصوص عامة لأنه لا يؤمن بالمعنى الذي تتضمنه تلك النصوص، فيرفض تفسيرها الأصيل ويأتي من عنده بتفسير آخر قد لا يكون سوى تحريف معنوي للنص.

إذا كان واحد من المسلمين لا يؤمن بفكرة وردت في آية قرآنية أو حديث شريف؛ فلا يجوز له أن يكذّب الحديث أو يرفضه أو يعيد تفسير الآية بمعنى آخر ويحرّفها تحريفا معنويا. بل يجب عليه أن يرفع إشكاله إلى غيره لعله يندفع ويرى مخرجا له، فلا يجوز له أن يرفض شيئا من الإسلام بدعوى أنه لا يؤمن به ولا يمكنه أن يؤمن به.

وأريد أن تعرف ـ أخي أبا عمرو ـ أنني أومن بحقائق العلم الحديث كلها (الحقائق وليس النظريات) ولستُ من منكري العلم الحديث ومكذبيه، ولكن ذلك لم يجعلني أستشكل النصوص فأرفضها أو أرفض تفسيرها الأصيل، لأنني أعرف كيف أوجّه كل موضوع وجهته. القرآن الكريم يقول إن الأرض مبسوطة، وهذه حقيقة ظاهرة لكل ذي عينين، فما نراه هو الأرض المبسوطة. والعلم الحديث يقول إن كوكب الأرض شبه كروي (بالمناسبة؛ كوكب الأرض ليس كرويا تاما، وليس بيضاويا، وليس إهليلجيا، بل هو شبه كروي: مفلطح عند القطبين بارز عند خط الاستواء، أي: كروي غير تامّ)، وهذا أيضا صحيح. والموضوعان مختلفان، فالقرآن الكريم يتحدث عن بيئة الإنسان، والإنسان هو المقصود في القرآن، وبيئة الإنسان هي أرض مسطحة عموما. وأما العلم الحديث فهو يتحدث عن كوكب الأرض، فهو لا يراعي وجدان الإنسان ويعمل على اكتشاف المادة بصورة منفصلة عن ذهنية الإنسان المرتبطة بالبيئة والمحيط.

والقرآن الكريم إذ يصف الطبيعة، إنما يصف مشاهدها ولا يصف أعماق المادة. القرآن الكريم يصف ما تقع عليه عينُ الإنسان، وذلك لأن هدفه هو إقناع الإنسان. لاحِظ معي قوله تعالى (والقمر قدرناه منازل حتى عاد كالعرجون القديم)، فالقمر في نفسه لا يصير مثل العرجون القديم وإنما مشهده ومنظره يصير كذلك. ولذا فالوصف القرآني وصف تصويري قد يكون ـ أحيانا ـ أشبه بتصوير فوتوغرافي.

أعتقد أن كلامي هذا هو البلسم الشافي لما يثور في وجدان المسلم المعاصر من إشكالات متعلقة بالطبيعة ووصفها في النصوص وفي العلم الحديث.

أرجو أن أكون قد وفقتُ لحلّ هذا الإشكال الذي قد يستعصي على الكثيرين فإما يرفضون حقائق العلم الحديث وإما يستشكلون النصوص فيحاولون رفضها أو رفض تفسيرها الحقيقي.

وأعود في مشاركة لاحقة للحديث عن النقاط الأخرى، وعن موضوع (العلقة) المعلَّق!

ـ[جمال السبني]ــــــــ[06 Feb 2010, 12:12 ص]ـ

4. معلوم اليوم لكل أحد أن الشمس لا تغرب عن الأرض اطلاقاً، وليس هناك من فاصل بين طلوعها وغروبها، ففي كل لحظة هي في حالة غروب وشروق. فمتى تذهب إذن لتسجد ثم يؤذن لها فتطلع وهي لا تبرح الطلوع؟!

حقيقة الأمر أن الكلام في الحديث موجَّه لإنسان معين أو مجموعة معينة من الناس في مكان وزمان معيَّنين. ومن الواضح أن الشمس تغرب عن كل مدينة وكل قرية وكل مجموعة من البشر وكل إنسان. صحيح أن الغروب ليس غروبا واحدا وأن الشمس في طلوع وغروب مستمرين على مدار الساعة باستمرار دوران الأرض حول نفسها؛ ولكنه ليس من الخطأ وصف غروب الشمس لمجموعة من البشر تغرب الشمس أمام أعينهم. هل أكون مخطئا إذا قلتُ (إن الشمس غربت)؟!

وكذلك عن مشكلة الفاصل بين غروب الشمس وطلوعها؛ الفاصل موجود، لكن بالنسبة للمراقب الواحد. فأنا حين تغرب الشمس عني فلا أراها إلا بعد حوالي 12 ساعة، وأنا أستقرّ وأشعر أن الشمس أيضا تستقرّ! فالفاصل موجود، ولكن بالنسبة لأرض معينة، وليس بالنسبة لكوكب الأرض ككلّ.

وأما عن سجود الشمس وبقائها ساجدة حتى الطلوع؛ فلك ـ يا أخي ـ أن لا تفهم الحديث حرفيا، وتفهم منه أن ذلك هو حال الشمس: مطيعة للقوانين والنواميس الطبيعية التي وضعها الله تعالى في المادة والكون، وأنها تبقى غاربة عن الأرض المعيّنة فلا تظهر من جديد إلا بعد انقضاء الليل. ولك أن تقول إنه لا يعدو الأمر في الحقيقة أن تكون تمثيلا لحالة الشمس المتمثلة في الإطاعة التامة للناموس الكوني الذي وضعه الله. فالقرآن الكريم يذكّرنا دائما بأن كل شيء يسبّح لله، ولكن لا يمكن أن نفهم من ذلك أن كل شيء يقول (سبحان الله)!!

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير