تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ولقد دخل الغرب بعد خمسة عشر سنة من الأبحاث العلمية، من الشُباك بعد أن أبقى القرآن الكريم له ولغيره الباب مفتوحاً لينظر ويتفكر ويكتشف حقائق علمية في وقت قياسي هو لاشك اقصر بكثير من ذلك الذي يقضيه في معاندتهِ، ومجانبتهِ للحق الصريح، وعلى أية حال فالحمد لله انه دخل أخيراً وذلك بأقراره بحقيقة علمية يؤمن بها المسلمون جميعاً كان قد نصّ عليه القرآن الكريم بنصوص واضحة صريحة نؤمن بها إيماناً لم يجعلها عندنا في يوم من الأيام موضع شَك شانها شأن جميع الحقائق القرآنية الأخرى، وذلك في طائفة من آيات القرآن الكريم منها قوله تعالى {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ} فهل يُعقل أن يكون هذا الخليفة الذي كرمهُ المولى تعالى كل هذا التكريم وفضله على جميع خلقه تفضيلاً بصيغة مبالغة في اضهار هذا التفضيل والتكريم، أوحتى اسلافه من القردة؟ وماهو وجه التفضيل والتكريم إذا كان أصله كبقية الحيوانات والبهائم الأخرى، ثم يخبرنا تعالى وهو خالق الإنسان {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ مِن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ} وهذا تصريح بأن أصل خلقة الإنسان هي إنسانية لاحيوانية من الأساس ثم ولتحديد أصل سلالته ولقطع الطريق على من تساوره الضنون إزاء طروحات دارون ومن سبقه ممن ماثله وشابهه في الطرح. يقول تعالى {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن سُلَالَةٍ مِّن طِينٍ} سلالة من طين .. يعني آدم عليه السلام .. ثم جعلناه أي جعلنا نسله وذريته نطفة في قرار مكين إلى قوله، تبعثون .. فالأنسان إذا تفكر بهذا التنبيه بما جعل له من العقل في نفسه رآها مَدبَرة وعلى أحوال شتى مَصرَفة كان نطفة ثم علقة ثم مضغة ثم لحما وعظما فيعلم أنه لم ينقل نفسه من حال النقص إلى حال الكمال. وقد بين تعالى صفة التفوق والإبداع في جميع خلقة

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

تشارلز داروين 1809 – 1882م من اشهر كتبه (أصل الأنواع) وفيه صرّح بنظريته في النشوء والإرتقاء، والتي حاول أن يثبت من خلالها أن أصل الإنسان هو من سلالة من القردة.

البقرة30

الحجر26

المؤمنون12

تفسير القرطبي، أبي عبد الله محمد بن أحمد الأنصاري ت671هـ، الجامع لاحكام القرآن، دار الكتاب العربي للطباعة والنشر، القاهرة، ط3، 1387هـ - 1967م، ج: 2 ص: 202

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــ

ثم ميز بعد ذلك الإنسان، لالشيء سوى أنه يعتبر قمة هذا التفوق الذي أنشأه الله تعالى لحكمةٍ أرادها .. فقال تعالى {الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنسَانِ مِن طِينٍ} وهو بذلك يبين لنا أن أصل سلالة الإنسان هي ذاتها التي إبتدأ بها الله تعالى خلق هذا الكائن وأنه صمم شكله وهيئته هذه على هذا النسق أصلاً وتأكيد ذلك أيظاً في قوله تعالى {خَلَقَ الْإِنسَانَ مِن صَلْصَالٍ كَالْفَخَّارِ} ومايؤكد حقيقة تركيبة الإنسان الجينية، وأنها هي ذاتها منذ أن خلق الله آدم وحتى يرث الأرض ومن عليها هو قوله تعالى {إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن نُّطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَّبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعاً بَصِيراً} ويقال مشجت هذا بهذا أي خلطته فهو ممشوج ومشيج مثل مخلوط وخليط أي أن تركيبته التي خلقه الله تعالى عليها هي تركيبة إنسانية صرفة. فجعلناه سميعا بصيرا .. ليتمكن من استماع الآيات التنزيلية ومشاهدة الآيات التكوينية".

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير