تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ومن هنا يقول الباحث في مقدمة كتابه: "فإني آمل أن تسهم دراساتي هذه لدى من يقرأها من المعاصرين من المستشرقين في أن يخرجوا أنفسهم من هذه الزاوية التي وضع فيها الاستشراق نفسه عبر تاريخه الطويل وأن يرفعوا تلك المعوقات التي وضعها سلفهم في سبيل فهم جيد للشرق بمكونه الرئيس: الإسلام؛ حتى يسهل على قومهم الوصول للمعرفة الحقيقية بالشرق والإسلام وهم إن فعلوا؛ فقد أدوا أمانة العلم وكانوا أهلاً للثقة التي حباهم بها مواطنوهم ومجتمعهم" ثم بين امتداد أثر الاستشراق إلى الباحثين المسلمين فقال:"إن الاستشراق ما عاد محدود الأثر ببيئته التي نشأ فيها؛ بل تعدى أثره لبيئتنا العربية والإسلامية؛ فلقد فرّخت أفكاره فيها عبر التلقي والتلمذة المباشرة أو عبر الترجمة؛ فقلّ ألا تسمع فكرة مارقة عن الإسلام في الغرب دون أن يكون لها صدى يتراوح مداه بين الخفوت والإعلان في بلادنا، وشجع على ذلك ملابسات كثيرة ليس هذا مكان تفصيلها " فلقد ذهبت الأيام التي كان يكتب فيها المستشرقون غالب كتاباتهم ليقرأها مستشرقون مثلهم. و نحن ننحي جانباً الدراسات الفرعية المتخصصة لنجد معظم الإنتاج الحاضر يقرؤه ويقدره أعداد ضخمة من الباحثين والمثقفين واسعي الأفق في الغرب ومن هؤلاء أعداد قد تكون أكبر في العالم الإسلامي. يقول الشيخ محمود محمد شاكر عن المسلمين والاستشراق: (هم يتدارسون ما يلقيه إليهم على أنه علم يتزوده المعلم، وثقافة تتشربها النفوس، ونظر تقتفيه العقول، حتى كان كما قال مالك بن نبي: (إن الأعمال الأدبية لهؤلاء المستشرقين قد بلغت درجة من الإشعاع لا نكاد نتصورها)، وتفصيل أثر هذا الإشعاع في تاريخنا الحديث وفي سياستنا وفي عقائدنا وفي كتبنا وفي ديننا وفي أخلاقنا وفي مدارسنا وفي صحافتنا وفي كل أقوالنا وأعمالنا شيء لا يكاد يحيط به أحد).ولذا يؤكد الدكتور محمود حمدي زقزوق أن حركة الاستشراق (لها آثار كبيرة على قطاعات عريضة من المثقفين في العالم الإسلامي وفي العالم الغربي على السواء ولهذا؛ لا بد من التوافر على دراسة الاستشراق دراسة عميقة. وليس يكفي أن نقول: إن ما يكتبونه كلام فارغ؛ فهذا الكلام الفارغ مكتوب بشتى اللغات الحية؛ ومنتشر انتشارًا واسعاً على مستوى عالمي).

واكد انه من المهم أن تجرى دراسات أكاديمية جادة تعالج الطروحات الاستشراقية في شتى المجالات التي ولجها البحث الاستشراقي، وتأتي إلى ما عسى أن يكون باحثا غربيا متهورا قد أحدثه؛ فتسد الثغرات التي يفتحها، وترتق الخرق الذي يفتقه، وتعيد الصورة التي يشوهها إلى سابق وضاءتها. ولن يكون ذلك ببضعة كلمات إنشائية يكتبها صاحبها كيفما اتفق من أجل المعايشة في سوق الكتاب؛ بل بأبحاث جادة يقوم بها علماء أكفاء، أو بأبحاث جامعية يقوم بها شباب واعون حسبة لله تحت رعاية علماء أكفاء يساعدونهم في المنهج، ويعينونهم على سلوكه، ويقومون نتاجهم ويجعلونهم أكثر دقة وموضوعية" ولابد أن ترعى نشر تلك الأبحاث الجادة جهات عدة تأتي على رأسها وزارات الأوقاف في العالم الإسلامي وتأتي في مقدمتها وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بدولة قطر التي قدمت للأمة الكثير في هذا المجال من خلال إصدارات الوزارة المختلفة الذي يأتي من ضمنها هذا الكتاب.

ويقول الباحث "إن استيعاب الإنتاج الاستشراقي – كما يقول الدكتور محمود زقزوق – ودراسته دراسة عميقة هو الخطوة الأولى لنقده نقدًا صحيحاً وإثبات ما يتضمنه من تهافت أو زيف. وهذا يجعل المستشرقين يفكرون ألف مرة قبل أن يكتبوا تحسباً لما قد يواجههم من نقد علمي يعربهم ويثبت زيف ادعاءاتهم. ويؤكد هذه الحقيقة المستشرق الفرنسي " مكسيم رودنسون" حين يشير إلى أن هناك طريقاً واحدًا فقط لنقد المستشرقين، وهذا الطريق يسير عبر دراسة تفصيلية لمؤلفاتهم).

انتهى الباحث إلى أن نولدكه وقع في أخطاء علمية ومنهجية في دراسته للقرآن الكريم ونبوة محمد صلى الله عليه وسلم، وضلل العقل العربي لزمن طويل بشأن الإسلام والقرآن والنبوة، بقصد أو بغير قصد، وبعض أخطائه ناشئ عن جهله باللغة العربية وبعضها لعوامل أخرى لا تخفى. وهذه المغالطات الشنيعة التي أوردها (نولدكه) عبر عنها المستشرق الألماني "ناجل" الذي شارك في مناقشة الرسالة على استحياء بقوله إن الأسس التي بنى عليها (نولدكه) كتابه " تختلف عما نسلم به اليوم كأمر بدهي".

وأهم ما فيه من الباطل رفضه أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم قد تلقى الوحي من الله جل وعلا، حتى أنه من جهله باللغة زعم أن جبريل نزل على هيئة عائشة رضي الله عنها وذلك في سوء فهم منه للقصة المعروفة في رؤيته صلى الله عليه وسلم لعائشة رضي الله عنها في المنام قبل زواجه بها.

المصدر: جريدة الراية القطرية ( http://www.raya.com/site/topics/printArticle.asp?cu_no=2&item_no=509538&version=1&template_id=20&parent_id=19) .

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير