تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

إن الإكراه فى الإسلام أمر غير متصوَّر، إذ هو ينافى طبيعته: "لا إكراه فى الدين. قد تَبَيَّن الرُّشْدُ من الغَىّ" (البقرة/ 256)، "وقل: الحقُّ من ربكم، فمن شاء فلْيؤمنْ، ومن شاء فلْيكفرْ" (الكهف/ 29)، "ولوشاء ربك لآمن من فى الأرض كلهم جميعا. أفأنت تُكْْرِه الناس حتى يكونوا مؤمنين" (يونس/ 99). بل إن المسلم مأمور من ربه أن يحسن صحبة أبويه المشركين حتى لو جاهداه على الشرك بالله: "وَوَصَّيْنَا الإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ (14) وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (15) " (لقمان). كذلك لو كان هناك مشرك محارب، ثم جاء هذا المشرك مستجيرا بالمسلمين لكان واجبهم أن يجيروه، ثم بعد أن يسمع كلام الله عليهم أن يُبْلِغوه مَأْمَنَه: "وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْلَمُونَ (6) " (التوبة). وإلإسلام لا ينهى أبدا أتباعه عن موادة غير المسلمين إلا إذا كانوا يعتدون عليهم ويخرجونهم من ديارهم ويستولون على ممتلكاتهم. أما من دون ذلك فمن واجبهم أن يبروهم ويقسطوا إليهم لأن الله يحب المقسطين: "عَسَى اللَّهُ أَنْ يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ عَادَيْتُمْ مِنْهُمْ مَوَدَّةً وَاللَّهُ قَدِيرٌ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (7) لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (8) إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (9) " (الممتحنة).

هذا، ولا نكران أن الإسلام يوجب على أتباعه رد العدوان بمثله، لكنه لا يجيز الاعتداء على مخالفيه بغيا وظلما مهما استحكمت بين الفريقين العداوة والبغضاء: "وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (190) " (البقرة)، "فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ (194) " (البقرة)، "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآَنُ قَوْمٍ عَلَى أَلا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (8) " (المائدة)، وذلك رغم ما صبه المشركون على رؤوس المسلمين من عذاب وتنكيل وقتل وترويع وحصار وتهجير ومصادرة للأموال والممتلكات وتجييش للجيوش بغية القضاء عليهم وعلى دينهم. أى أن المسلمين هم الذين وقع عليهم لا منهم الأذى والعدوان. وحين دانت لهم الدنيا وصارت لهم إمبراطورية لم يكرهوا أحدا على اعتناق دينهم ولم يضطهدوا أحدا لتمسكه بدينه، بل تركوا كُلاًّ وما يعتقد. ولهذا بقيت الأقليات المسيحية لم تنقرض ولم تختف فى ظل الدولة الإسلامية، على عكس الحال فى الدول المسيحية حيث لم يكن هناك ولو خرم إبرة لغير المسيحيين كما هو الوضع فى الأندلس بعد انتصار المسيحيين على المسلمين، إذ أكرهوهم إكراها على التنصر أو قتلوهم أو نَفَوْهم من البلاد رغم أن البلاد هى بلادهم، إذ كان المسلمون هناك مثلما هو الحال فى أى بلد آخر هم من أهل البلد لا كما يزعم المسيحيون دائما كذبا وزورا أنهم عرب أتوا من آخر الدنيا متجاهلين أن العرب من المسلمين فى كل بلد مسلم لا يشكلون إلا كسرا ضئيلا جدا لا يكاد يذكر، إذ لا يزيد فى أقصى أحواله من بين السكان الذين يعدون بالملايين على بضع عشرات من الآلاف

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير