تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

العبد، ويُعَظِّمُ أمرَ ربه، ويُكبِّرُه تكبيرًا، فيَتحقق له ما أمر به مِن كمال التوكل والتفويض إلى المَلِك الحَقِّ -سبحانه-.

ثم الدعاء على الكافرين مِن أعظم أسباب هلاكهم ومَحْقِ مَكرِهم وأن يَرتدَّ كَيدُهم عليهم؛ (وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلا بِأَهْلِهِ) (فاطر:43)؛ فتصبح الأموالُ المُنفَقةُ في الصَدِّ عن سبيل الله هَبَاءً مَنثورًا، ومَن عَلِمَ اللهُ مُوافاتَه إياه على الكفر يكون الدعاء عليه بالهلاك سَبَبًا في نَيْلِ جزائه وعقابه.

واليقين بإجابة الدعاء مِن أسباب إجابته؛ كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (ادْعُوا اللَّهَ وَأَنْتُمْ مُوقِنُونَ بِالإِجَابَةِ) (رواه الترمذي، وحسنه الألباني)، وقال الله -تعالى- لموسى وهارون -عليهما السلام-: (قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا)، وَوَرَدَ بصيغة الماضي رغم أنه لم يتحقق بَعْدُ على أرض الواقع؛ إلا أنَّ أمْرَ الله نافذٌ يَقينًا؛ فكأنه في حِسِّ المؤمن قد كان بِلا فَرْقٍ: (أَتَى أَمْرُ اللَّهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ) (النحل:1).

ثم يأتي توجيهان عظيمان يَحتاج إليهما المؤمنون دائمًا في فترات المحن، بل في كل حين:

الأول منهما: الاستقامة؛ ففترات الشدة تحصل فيها أنواعٌ مِنَ الانحراف عن الجادة، خُصُوصًا إذا طالت؛ فلابد مِنَ الثبات والصبر والاستمرار على نفس الطريق الذي أَيْقَنَ المؤمنون بأنه صراطُ الله؛ بما بَيَّنه اللهُ لهم مِن وَحْيه، دون نَظَر إلى النتائج، ولو لم يَلُحْ في الأُفُقِ شيءٌ مِنَ النور؛ فالنهارُ طالعٌ لا مَحَالةَ، والنورُ آتٍ بلا شك، والليلُ سوف يَضمحِلُّ قطعًا؛ فعَلامَ التَّلَوُّنُ؟! وعَلامَ الرجوعُ إلى الجاهلية؟! وعَلامَ الانحرافُ بَعْدَ الاستقامةِ؟!

الثاني: تَرْكُ اتباع سبيل الذين لا يَعلمون؛ لأن الانحراف عن الصراط المستقيم يَستلزم قَبولَ أهواء أهل الباطل وجهالاتِهم وآرائِهم؛ قال الله -تعالى-: (ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ. إِنَّهُمْ لَنْ يُغْنُوا عَنْكَ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَإِنَّ الظَّالِمِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ) (الجاثية:18 - 19).

فاتِّبَاعُ أهواء أهل الجاهلية -ولو كان طلبًا لنفعهم أو دفعًا لضَرَرِهم- لا يُغني عن العبد مِنَ الله شيئًا؛ إذ هو وَحْدَه مالكُ النَّفع والضَّرِّ، واتباعُهم هو مُوالاةٌ لهم تُلحِق العبدَ بالظالمينَ وتَجعلُه منهم، وتُفقِدُه وَلايةَ اللهِ؛ إذ هو -سبحانه وتعالى- وَلِيُّ المُتَّقِين. وإذا كان المؤمنُ مَنْهِيًّا عن اتباع سبيل الذين لا يعلمون؛ فإنَّ كَوْنَه مِن الذين لا يَعلمون مَنْهِيٌّ عنه بالأَوْلَى والأَحْرَى؛ فلابُد مِنَ العلم بالوَحي المُنَزَّل؛ حتى يَتخلَّصَ الإنسانُ مِن الجهل، ويُميِّزَ بين سبيل أهل الجهل وسبيلِ أهل الحق، والعِلْمُ النافعُ هو العلم الذي في القلب، لا مُجَرَّدَ الذي على اللسان -والله المستعان-.

إخوةَ الإسلام:

هل عَلِمتم لماذا نحن مُتَحَيِّرُونَ فيما نصنعه؟ وهل أدركتم أنَّ عَدَمَ قيامنا بواجب وقتنا كأمَّة سَبَبٌ لغَلْق أبوابٍ مِنَ القُدْرَة والبَصِيرة؛ لن تُفتَح إلا إذا بدأنا الصُّعودَ وسِرْنَا على الطريق؟

اللهُمَّ مُنْزِلَ الكتاب، ومُجْرِيَ السحاب، وهازمَ الأحزاب، سريعَ الحساب؛ اهزمِ اليهودَ والنصارى والمنافقين وسائرَ الكَفَرَة والظالمين، وزَلْزِلْهُمْ، وانصرنا عليهم، وهَيِّئْ لأمتنا أمْرَ رُشْدٍ، وَوَلِّ أُمُورَنا خِيَارَنا، ولا تُوَلِّ أُمُورَنا شِرَارَنا.

ربَّنا اغفرْ لنا ذنوبَنا، وإسرافَنا في أمْرِنا، وثَبِّتْ أقدامَنا، وانصرنا على القوم الكافرين.

www.salafvoice.com (http://www.salafvoice.com/)

موقع صوت السلف ( http://www.salafvoice.com/)

المصدر:صوت السلف ( http://http://www.salafvoice.com/moshrefarticles.php?a=4140&back=aHR0cDovL3d3dy5zYWxhZnZvaWNlLmNvbS9tb3NocmVmL nBocA==)

ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[07 Jun 2010, 10:34 ص]ـ

ما شاء الله كلام جميل وموفق

وقدرة على توظيف الآيات والربط بين المعاني المختلفة في موضوع واحد

شكر الله لك أخي خالد ولشيخك

ـ[هاني درغام]ــــــــ[08 Jun 2010, 12:10 ص]ـ

جزاكم الله خيرا كثيرا

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير