تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

"وأول ما أواجهك به من ذلك وأنا أقدر أنك ستلقاه منكرا له ثائرا عليه، هو أن "اللزوميات" ليست نتيجة العمل وإنما هي نتيجة الفراغ، وليست نتيجة الجد والكد، وإنما هي نتيجة العبث واللعب، وإن شئت فقل إنها نتيجة عمل دعا إليه الفراغ، ونتيجة جد جر إليه اللعب".

ويقول عن اللزوميات (مع أبي العلاء في سجنه: 404 - 405):

"على أن التكرار ليس هو العيب الوحيد أو الظاهر الذي اضطر إليه أبو العلاء، حين أخذ نفسه بهذه القيود الفنية، وإنما هناك عيب آخر ربما كان أشد منه خطرا ( .. )، فقد يمكن الاعتذار من تكرار أبي العلاء، ولكن هناك عيبا لا يمكن الاعتذار منه، وهو الاستسلام للفظ إلى هذا الحد، وتحكيم اللفظ وحده في المعنى والفن إلى الحد الذي انتهى إليه أبو العلاء. أن يفرض الشاعر على نفسه اصطناع الجناس أو غيره من ألوان البديع في كل ما يقول من الشعر أو في بعضه دون بعضه الآخر، هذا شيء مألوف قد نقبله وقد نرفضه، وقد نرتاح إليه وقد نزور عنه، ولكن أن يتخذ الشاعر الخضوع للقافية، وللقافية وحدها، قانونا فنيا صارما يذعن له الإذعان المطلق لا في قصيدة ولا في قصيدتين ولا في قصائد بل في ديوان ضخم، وأن يشترط في هذه القافية هذا الشرط القاسي الذي اشترطه أبو العلاء، وأن يلتزم هذا الشرط ويجريه في جميع حروف المعجم مهما تكن هذه الحروف ومهما تكن المعاني التي يريد الشاعر أن يقول فيها، هذا هو الشيء الذي لا يطاق ولا يمكن أن ينتهي بصاحبه إلى الخير" ... إلخ

ويقول: (مع أبي العلاء في سجنه: 403):

"قد نسرف على أنفسنا وعلى الفن الأدبي إن ظننا أن شعر "اللزوميات" جيد كله من الناحية الفنية الخالصة، بل نسرف على أنفسنا وعلى الفن الأدبي إن ظننا أن كثرة هذا الشعر جيدة، وإنما المحقق أن الجيد من شعر "اللزوميات" قليل، يمكن أن يستخلص في مجلد نحيف، يجمع إلى الجمال الفني خلاصة الفلسفة العلائية كلها".

3 – رأي طه حسين في فكر أبي العلاء:

كان طه حسين معجبا جدا بفكر أبي العلاء، فأخذ في مستهل حياته بذلك الفكر المتشائم المعادي للبشرية وللحياة، لكنه بعد أن لقي زوجه بدأ يغير رأيه ويستكشف زيف الفكر العلائي. يقول طه حسين (الأيام: 3/ 85):

"يرحم الله أبا العلاء، لقد ملأ نفس الفتى ضيقا بالحياة وبغضا لها، وأيأسه من الخير وألقى في روعه أن الحياة جهد كلها ومشقة كلها، وإذا هذا الصوت يذود عن نفس الفتى كل ما ألقى فيها أبو العلاء من ظلمة التشاؤم واليأس والقنوط، كأنه تلك الشمس التي أقبلت في ذلك اليوم من أيام الربيع، فجلت عن المدينة ما كان قد أطبق عليها من ذلك السحاب الذي كان بعضه يركب بعضا، والذي كان يقصف ويعصف حتى ملأ المدينة أو كاد يملؤها إشفاقا وروعا. وإذا المدينة تصبح كلها إشراقا ونورا".

المصادر:

- الأيام – تأليف: طه حسين. دار المعارف - مصر.

- تجديد ذكرى أبي العلاء – تأليف: طه حسين – ضمن: المجموعة الكاملة لأعمال طه حسين – المجلد العاشر – الشركة العالمية للكتاب/ مكتبة المدينة/ الدار الإفريقية العربية – ط 2 – بيروت / لبنان – 1403ه/1983م.

- مع أبي العلاء في سجنه – تأليف: طه حسين – ضمن: المجموعة السابقة.

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير