تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

الألفاظ. ومما له دلالة فى هذا الصدد أن رحيل الشافعى إلى مصر تلا استيلاء المأمون على السلطة بعد صراعه الدامى مع أخيه الأمين، وهو الصراع الذى وجدت فيه الشعوبية الثقافية والفكرية تعبيرها العسكرى. تولى المأمون السلطة سنة 198هـ، ورحل الشافعى إلى مصر سنة 199هـ، وكان اختيار مصر بالذات لأن واليها فى ذلك الوقت كان قرشيا هاشميا" (الإمام الشافعى وتأسيس الأيديولوجية الوسطية/ ط1/ دار سينا للنشر/ 1992م/ 16 - 17).

ولسوف نأخذ بعذر نصر أبو زيد ونستبدل كلمة "العلويين" بـ"الأمويين" لنرى كيف تستقيم الأمور: "لكن أهم صور التعبير عن انحياز الشافعى للقرشية أنه الفقيه الوحيد من فقهاء عصره الذى تعاون مع العلويين مختارا راضيا، خاصة بعد وفاة استاذه الإمام مالك بن أنس (179هـ)، الذى كان له من العلويين موقف مشهود بسبب فتواه بفساد بيعة المكره وطلاقه. وموقف الإمام أبى حنيفة (150هـ) الرافض لأدنى صور التعاون معهم رغم سجنه وتعذيبه يكشف إلى أى حد بلغ رفض الفقهاء لعصبية ذلك النظام ولممارساته القمعية ضد جماهير المسلمين إلا أن يكونوا من مؤيديه وأنصاره بشكل مباشر. سعى الشافعى، على عكس سلفه أبى حنيفة وأستاذه مالك، إلى العمل مع العلويين، فانتهز فرصة قدوم والى اليمن إلى الحجاز وجعل بعض القرشيين يتوسطون له عنده ليلحقه بعمل، فأخذه الوالى معه وولاه عملا بنجران. وإذا كان موقف مالك وأبى حنيفة من النظام العباسى لم يختلف كثيرا عن موقفهم من العلويين فإن الشافعى كره منهم تخليهم عن "العروبة"، التى كانت سمة بارزة للنظام العلوى، واستنادهم إلى "الفارسية"، الأمر الذى يبرز لنا النزوع العصبى عند الإمام ويفسر لنا الدفاع السابق عن نقاء النص، ونقاء اللسان العربى من ثم، من آفة الدخيل الوافد من الألفاظ. ومما له دلالة فى هذا الصدد أن رحيل الشافعى إلى مصر تلا استيلاء المأمون على السلطة بعد صراعه الدامى مع أخيه الأمين، وهو الصراع الذى وجدت فيه الشعوبية الثقافية والفكرية تعبيرها العسكرى. تولى المأمون السلطة سنة 198هـ، ورحل الشافعى إلى مصر سنة 199هـ، وكان اختيار مصر بالذات لأن واليها فى ذلك الوقت كان قرشيا هاشميا".

وهذه هى ملاحظاتنا على النص بعد تغييره على النحو الذى يريده نصر أبو زيد ليخرج من الورطة العلمية المخزية: ترى متى كان لمالك بن أنس فتوى ضد العلويين تتعلق بفساد بيعة المكره وطلاقه؟ فليدلنا عليها أحد. ثم كيف يغضب العلويون من مثل هذه الفتوى، وهى لا تضرهم فى شىء، إذ لم يكن لهم سلطان البتة: لا سلطان قائم على الإكراه ولا سلطان مستند إلى الشورى؟ بالعكس لقد كانت مثل هذه الفتوى فى مصلحتهم لأن كثيرا من المسلمين كانوا يتعلقون بالعلويين، لكنهم يخشون من إبداء مشاعرهم ومواقفهم تجاههم كما هو معروف. كذلك هل كان للعلويين سلطان فى اليمن جعل الشافعى يوسط أحدهم كى يعينوه فى منصب فى دولتهم هناك؟ طبعا لا. إذن فلا يمكن أن يكون الأمر سهوا كما يزعم الدكتور نصر. ويقول النص أيضا بعد تغييره إلى الوضع الذى يريده نصر أبو زيد: "وإذا كان موقف مالك وأبى حنيفة من النظام العباسى لم يختلف كثيرا عن موقفهم من العلويين فإن الشافعى كره منهم تخليهم عن "العروبة"، التى كانت سمة بارزة للنظام العلوى". ومعنى هذا أن العلويين كان لهم نظام كما يقول النص بكل وضوح. أى أنهم كانوا فى عصر الشافعى ذوى سلطان ودولة، وهو كلام متهافت لا يمكن أن يستقيم ولو لفيمتو ثانية. وفوق ذلك فالذين كانوا يتجهون اتجاها عروبيا ثم جاء العباسيون بعدهم فقربوا الفرس منهم وتوارت العروبة فى عهدهم تدريجيا إنما هم الأمويون، وهذا معروف لا نكران له ولا مراء فيه.

على أننا لن نكتفى بذلك فحسب، بل سوف نضيف إلى ذلك إيراد النص كما أصلحه الدكتور نصر أبو زيد فى الطبعة الثانية لنرى كيف أصلحه، وهل أصلحه طبقا لما ادعى أنه كان عليه فى الأصل أو لا. وهذا كلامه فى هذا الموضوع فى الطبعة الثانية التى صدرت سنة 1996م: "لكن أهم صور التعبير عن انحياز الشافعى للقرشية أنه الوحيد من فقهاء عصره الذى تعاون مع السلطة السياسية مختارا راضيا، خاصة بعد وفاة أستاذه الإمام مالك بن أنس (179هـ)، الذى كان له من الأمويين موقف مشهود بسبب فتواه بفساد بيعة المكره وطلاقه. وموقف الإمام أبى حنيفة (150هـ) الرافض لأدنى صور

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير