تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

أستاذ مثقف رفع صباعه وقال: "يا جماعة، الإمام الشافعي اتولد بعد 18 سنة من زوال الدولة الأموية". أنا لم أصدق، فاشتريت الكتاب ووجدت أن الدكتور قال فعلا بتعامل الإمام الشافعي مع الأمويين فيالصفحة 16 وأنهم عينوه واليا علي نجران. واستدل بنصٍّ زوره علي أبو زهرة علي تعصب الشافعي للقرشيين". وعندما رد المذيع قائلا: "أستاذ جلال، أنا أخشي أن تدخل في تفاصيل أكاديمية،. فلنبق في صلب الموضوع، وهو قضية التطليق" أجابه كشك بقوله: "أنا قلت إن هذهالقضية تشوّش على القضية الأساسية، وهي جهل عضو في هيئة التدريس بإحدي الجامعاتالمصرية ولجوئه إلي التزوير إثباتا لآرائه. ده عامل زي واحد يضبطه الكمساري بينشل في الأتوبيس أو يرتكب فعلاً فاضحا، فيضرب الكمساري بالقلم ويتهمه بسب الحكومة للخروج من المأزق". ثم أضاف بعد قليل قوله: "بقي لنا ستة شهور، والدكتور أبو زيد لم يقل لنا كلمة واحدة عن هذا الخطأ الفاحش. كيف يصح لأستاذ جامعي أن يؤلف بحثا يدور حول فكرة تعاون الإمام الشافعي مع الأمويين، ويستدل من هذا التعاون عليعدة نتائج، ثم يثبت أن الإمام الشافعي وُلِد بعد انتهاء الأموية بأكثر من 18 عاما؟ هل تقبل الجامعات الأمريكية أن تمنح طالبا شهادة جامعية إذا قدم بحثا يثبت فيه تعاون جورج واشنجتون مثلا مع الاستعمار الفرنسي للعلاقات التي كانت تربط واشنجتونبنابليون؟ هل يمكن منحه أي درجة علمية؟ " فكان جواب المذيع: لا طبعا".

ومما يدل على أن الأمر يرجع إلى عيب فى علم الدكتور نصر لا إلى سهو عارض عنده أنه أيضا ينسب ترك الشافعى للعراق إلى مصر أيام المأمون إلى اتجاه المأمون إلى الاعتزال وفرضه على الضمائر، على حين كان الشافعى ينفر من هذا الاتجاه، وهو كلام أقرب إلى الهزل والكاريكاتير منه إلى العلم وجِدّه، فقد مات الشافعى عام 204هـ، بينما أظهر المأمون القول بخلق القرآن سنة 212 هـ كما يقول ابن الأثير فى حوادث تلك السنة فى كتابه: "الكامل"، وإن لم يفرض عقيدة الاعتزال مذهبا رسميا للدولة لتبدأ بذلك المحنة المعروفة إلا عام 318هـ، أى بعد ذلك بأربعة عشر عاما كما كتب ابن الأثير أيضا فى حوادث ذلك العام! فكيف يعلل باحث يتشح بوشاح العلم حدثا بحدث آخر لم يقع إلا بعد وقوع الحدث الأول بأعوام؟ إنه بذلك يضع العربة أمام الحصان على عكس ما يريد الله وما يقول به العقل والمنطق. وسلم لى على العلمية والموضوعية والخيبة القوية (وانظر كذلك ترجمة المأمون فى كتاب صلاح الدين الصفدى: "الوافى بالوفيات"، وفى "نهاية الأرب فى فنون الأدب" للنويرى فى حوادث 218هـ، وكلام المستشرق البريطانى وليم موير ( William Muir) فى الفصل الذى عقده للخليفة المأمون فى كتابه: " The Caliphate: Its Rise, Decline, and Fall (http://www.tafsir.net/Local%20Settings/Temp/Rar$EX77.687/index.htm)" حيث تناول محنة خلق القرآن فى عهده بدءا من إعلانه فى 212هـ موقفه المساند للمعتزلة، ثم عمله بعد ذلك بست سنين على فرض هذا المذهب على العلماء، وكذلك "عصر المأمون" للدكتور أحمد فريد رفاعى/ مطبعة دار الكتب المصرية/ 1346هـ- 1927م/ 1/ 396 - 397، وتقرير د. مصطفى الشكعة الخاص ببحث "الإمام الشافعى وتأسيس الأيدلوجية الوسطية" للدكتور نصر أبو زيد، والمنشور فى كتاب د. عبد الصبور شاهين: "قضية أبو زيد وانحسار العلمانية فى جامعة القاهرة"/ دار الاعتصام/ 45).

كذلك نرى د. أبو زيد ينسب عبد الله بن العباس رضى الله عنه إلى التابعين، إذ يقول بالحرف عن موقف بعض علماء القرآن الذين ينكرون أن يكون فى كتاب الله أية ألفاظ أعجمية: "وهذا هو اتجاه كثير من مفسرى التابعين، وعلى رأسهم عبد الله بن عباس، الذى عاصر النبى ودعا له بالفقه فى الدين وبعلم التأويل" (ص12 من الطبعة الأولى من كتاب "الإمام الشافعى وتأسيس الأيديولوجية الوسطية"). أما كيف يكون الشخص تابعيا، وفى ذات الوقت معاصرا للرسول عليه الصلاة والسلام، فأمر لا يجوز فى عقولنا نحن الدارسين المتواضعين، لكنه يجوز جدا جدا فى عقول العباقرة الذين يشبههم بعض الملاحيس بابن رشد ولا أدرى مَنْ أيضا من مفكرى أوربا فى عصر النهضة. والحمد لله أن قال الدكتور نصر إن النبى عليه السلام دعا لابن عمه بعلم "التأويل" لا بعلم "الهرمنيوطيقا" على عادة المتحذلقين الذين ينفرون من

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير