تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ذكرتُ أن الجابري يتستر ويتخفى في مشروعه الأخير عن القرآن فلم يقل كل شيء بصورة مباشرة بل بإلتفاف وبنقد غير مباشر، يعتمد فيه غالبا على ذكاء القارئ ولماحيته وفطنته (بحسب ألفاظ خليل عبد الكريم في وصف مشروع محمد أحمد خلف الله الغير مباشر في نقد الوحي القرآني) كما فعل الجابري نفسه قبل ذلك مع مشروعه عن العقل العربي والإسلامي، في هذاالسياق يعرض الجابري رؤيته للأوضاع وموقفه من النقد المباشر للقرآن، في كتابه (التراث والحداثة) بقوله:"لا أرى أن الوطن العربي في وضعيته الراهنة يتحمل ما يمكن أن نُعبِّر عنه بنقد لاهوتي ... لنا حرمات يجب أن نحترمها حتى تتطورالأمور" (ص259 - 260). يقول أيضا: "يجب ألا نيأس وألا نقنط لأن المرحلة مرحلة قرن أوقرنين" (ص252).

لقد قال طرابيشي، وسيأتي الرد إن شاء الله على كتابه "المعجزة أوسبات العقل في الإسلام"!، بأن الجابري تصدى للعقل الاسلامي في شبه حصان طروادة (مذبحة التراث ص118).

ويقول محمود امين العالم (علماني!) "أما ... الجابري فهو ... يرى أن ذلك ينبغي ان يتحقق من داخل التراث نفسه" (محطات في التاريخ والتراث ص51) فالعلماني المتستر بالتراث لايستطيع قول كل شيء لأنه كما قال فؤاد ذكريا، العلماني، فإن هذا الصنف من العلمانيين يلعب في ملعب الخصم!، أضاف: "وتظل مناقشاته ملتوية غير مباشرة" (الصحوة الإسلامية في ميزان العقل لفؤاد زكريا ص 157).

وقد عرضتُ في كتابي "أقطاب العلمانية في العالم العربي والإسلامي" الصادر عن دار الدعوة، الاسكندرية، في الفصل الأول منه تصور هذا الفريق من العلمانيين المتسترين بالنصوص كمحاولة لتخريب معناها من الداخل وهو مايعني إحداث عملية تسلل الى داخل الإسلام والتلاعب من خلال ذلك بالنصوص ودعم الموقف العلماني من خلالها! وهؤلاء يختفون داخل حصان طروادة وهو يخفي داخله ألف عنصر من العناصر المعادية للإسلام، وطريقة التستر بالنصوص هذه وإجراء عمليات تخريبية علمانية بها إنما هي محاولة للإنتقام من الإسلام لأسباب معروفة وماهؤلاء العرب إلا دُمَى تحركهم أطماعهم وأطماع أسيادهم، وأساطيرهم الخاطئة عن الإسلام والتي تلقفوها من اساطير غربية معادية للإسلام في أثواب منمقة وجديدة،كما عرضت موقف فريق آخر من العلمانيين ومنهم فؤاد زكريا من هذا الخداع الذي يقيد حركة الناقد العلماني الآخر الذي يفضل النقد المباشر ومناقشة النصوص من الخارج بدون خضوع للنص كما قال زكريا ردا على الفريق الآخر المخالف لمشروعه المباشر في النقد،، مع ان زكريا يتخفى اعلاميا ايضا! (انظر أقطاب العلمانية، الطبعة الأولى لسنة 2000، ص40 - 42).

فالعلماني العربي الذي يتستر بالنصوص وهو يحاول، جاهدا، هدمه هو في الحقيقة مستشرق متخفي في جثمان عربي!

_ولن يقدرون ولو اتخذ بعضهم بعضا ظهيرا-، وقد أشار اليهم رسولنا صلى الله عليه وسلم بقوله "دعاة إلى أبوابجهنم ... هم من جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا".

يقول محمود امين العالم ايضا وهو من كبراء العلمانيين –كفؤاد زكريا-وخبير بطرقهم ومذاهبهم، قال: "محمد أركون مستشرقفرنسي من أصل جزائري له عناية بالإسلام ... يتساوق فيه أو يتبارى مع زميله المغربيمحمد عابد الجابري، وتنحدر دراسات الزميلين من تراث الاستشراق العريض بالدرجة التيتجعلهم مجددين تراث الاستشراق ضمن مؤشرات الطور الراهن للايديولوجيا الغربية" (ص159). يقول محمود اسماعيل (وهو قطب علماني كبير):"ان انجازاتهم ما هي الا تطفل على الاستشراق، لانهمقاموا بمجازفات أو تطبيقات لمناهج ورؤى وإديولوجيات -واللفظ له- جرى اعتسافها (انظركتابه سوسيولوجيا الفكر الإسلامي -محاولة التنظير الجزء العاشر ص16 و17 و23 و25). كما يقول ايضا: "من المفيد ان اوضح ان الاستاذ الجابري كان في مستهل حياته العلمية مادياجدليا تاريخيا، وبرغم نكوصه فإنه لم يستطع الانفكاك من رؤيته السابقة يستعين بها ... لتغطية عجز منهجه البنيوي، وسواء أكان ذلك عجزا ام بوعي فالثابت تواجد اصداءالتحليل الماركسي في كتاباته الاخيرة" (من كتابه فكرة التاريخ بين الاسلاموالماركسية ص95). وكأنه هو ايضا -اي محمود اسماعيل- لم يشرب من النهر المسموم ولم يغترف منه، وهو الذيقال ان منهج المادية التاريخية "منهج قادر على التنظير"! (10/ 43) ويصف نفسه براهب فيديرها "تأسيسا على

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير