تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ومما يدل على ما ذكرنا: أن الفعل (ذهب) مقصور على مكان معين، وهو (الشام). فلما كان (دخل) شائعًا في سائر الأمكنة، دل على أنه متعد. أما (ذهبت) فمتفق على كونه غير متعد بنفسه، وقد حذف منه حرف الجر اتساعًا.

ولهذا الذي ذكرناه لا يجوز في أسماء الأمكنة المختصة بعد الفعل (دخل) النصب على نزع الخافض؛ لأن الأصل فيه التعدي ..

ـ[لؤي الطيبي]ــــــــ[31 Mar 2006, 01:34 ص]ـ

السلام عليكم

بارك الله فيكم جميعاً، وأخصّ بالذكر الأخ عبد القادر يثرب على توجيهه الموفّق بإذن الله .. والأستاذ محمد عتوك على ما أثرانا به من بيان ماتع ..

واسمحوا لي - أيها الأفاضل - أن أضيف إلى ما ذكرتم أن الفعل (دخل) قد جاء أيضاً متعدّياً بـ (على) في الذكر الحكيم. وحين تعدّى فعل الدخول بـ (على) دلّ حرف الاستعلاء على ارتفاع المكان وإشرافه وعلوّه، وأن الداخل أو المأمور بالدخول فيه مطالَب بمزيد من التحمّل والصبر على ما يلاقيه من الضرر والمشقّة، وإن بقي لكلّ سياق مزيد خصوصية بما تشيعه تراكيبه من الدلالات والأغراض التي لا نجدها في السياق الآخر.

وقد أوضح ابن السيد البطليوسي حقيقة حرف الاستعلاء بقوله: " اعلم أن أصل (على) العلو على الشيء وإتيانه من فوقه، كقولك: أشرفت على الجبل، ثم يعرض فيها إشكال في بعض مواضعها التي تتصرّف فيها، فيظنّ الضعيف في هذه الصناعة أنها قد فارقت معناها، فمن ذلك قول القائل: زرته على مرضي، وأعطيته على أن شتمني، وإنما جاز استعمال (على) ها هنا، لأن المرض من شأنه أن يمنع من الزيارة، وكذلك الشتم يمنع المشتوم من أن يعطي شاتمه شيئاً، والمنع قهر للممنوع، واستيلاء عليه، فهي إذن لم تخرج عن أصلها بأكثر من أن الشيء المعقول شبه بالشيء المحسوس، فخفي ذلك على من لا دربة له في المجازات والاستعارات " (الاقتضاب في شرح أدب الكتاب، 2/ 282).

وبتأمّل مواطن تعدية الدخول بـ (على) في القرآن الكريم نجد له الدلالة التي ذكرناها آنفاً في قوله تعالى: (وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِندَهَا رِزْقاً) [آل عمران: 37]. فـ (على) بدلالته على الاستعلاء يشير إلى ارتفاع المكان الذي فيه مريم عليها السلام وعلوّه، وقد نصّ المفسّرون على أن زكريا عليه السلام بنى لها محراباً في المسجد، أي غرفة يُصعد إليها بسلّم (انظر الكشاف 1/ 417). أو أن (على) توحي بمشقّة زكريا عليه السلام وهو شيخ كبير في الوصول إليها، ومعاناته في كفالته لها، والقيام على رعايتها حقّ الرعاية على أكمل وجه.

ولنفس الغرض جاءت (على) حين تعدّى بها فعل الدخول في قصّة يوسف عليه السلام في أربعة مواطن، منها قوله تعالى: (وَجَاء إِخْوَةُ يُوسُفَ فَدَخَلُواْ عَلَيْهِ فَعَرَفَهُمْ وَهُمْ لَهُ مُنكِرُونَ) [يوسف: 58]، وقوله تعالى: (وَلَمَّا دَخَلُواْ عَلَى يُوسُفَ آوَى إِلَيْهِ أَخَاهُ) [يوسف: 69]. فهي تدلّ على مكان ارتفاع يوسف وعلوّه، وأنهم قد وجدوا من المشقّة والصعاب ما وجدوه في سبيل الوصول إليه والدخول عليه.

أما (على) في قوله تعالى: (قَالَ رَجُلاَنِ مِنَ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِمَا ادْخُلُواْ عَلَيْهِمُ الْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ) [المائدة: 23]، فإن الاستعلاء فيها مع دلالته على علوّ مكان العدوّ يدلّ على التمكّن والقهر والغلبة، وهو في الوقت نفسه يطالب المخاطبين بمزيد من التحمّل والصبر على ملاقاة هؤلاء الأعداء.

ولقد كشف السياق عن رغبة هذين الرجلين اللذين أنعم الله عليهما في تشجيع قومهما على قتال العدوّ من خلال التعبير بحرف الاستعلاء ومن خلال تأكيد وعدهما لهم بالفوز والغلبة على العدوّ بقولهما كما حكاه القرآن الكريم: (ادْخُلُواْ عَلَيْهِمُ الْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ).

ـ[محمد إسماعيل]ــــــــ[31 Mar 2006, 05:52 ص]ـ

أخي لؤي! أحسن الله إليك، وجزاك كل خير، ووفقك إلى ما فيه الصواب.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير