تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

أولاً- أحب أن تعلم أن الأصل في الفعل (دخل) هو أن يتعدى إلى المفعول بـ (في)، وأن مفعوله لا يكون إلا اسمًا مختصًا، أو غير مختص؛ كما هو واضح في الأمثلة والآيات التي استشهد بها. والمنصوب منه لا يكون إلا على تقدير (في). وقد يتعدى بـ (إلى)، والفرق بينهما ما ذكره الأخ خالد.

تقول: دخلت البيت، ودخلت في البيت. هذا هو الأصل .. ثم تقول: دخلت البيت عليه، فتذكر (عليه) زيادة في التوضيح والبيان. وما ذكرته ليس أصلاً؛ وإنما هو فضلة، ذكرت تتميمًا للكلام.

ومثل ذلك قوله تعالى:? كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ ? (آل عمران: 37). فالمفعول به هو المحراب. والمفعول في قوله تعالى:? ادْخُلُواْ عَلَيْهِمُ الْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ ? (المائدة: 23) هو الباب.

وفي قوله تعالى:? فَدَخَلُواْ عَلَيْهِ ? (يوسف: 58) المفعول به محذوف للعلم به. أي: دخلوا عليه القصر، أو المدينة. وكذلك قوله تعالى:? وَلَمَّا دَخَلُواْ عَلَى يُوسُفَ آوَى إِلَيْهِ أَخَاهُ ? (يوسف: 69). وهذا واضح.

أما (على) فهو فضلة، الفائدة منه بيان الغرض من الدخول، وهو كيفيته. وهذا كما تقول: دخلت المحراب للصلاة. فقولك: للصلاة، لا يعني أن الفعل يتعدى باللام؛ وإنما هي فضلة الغرض منها بيان سبب الدخول.

وقوله تعالى:? لاَ تَدْخُلُواْ مِن بَابٍ وَاحِدٍ وَادْخُلُواْ مِنْ أَبْوَابٍ مُّتَفَرِّقَةٍ ? (يوسف: 67) المفعول محذوف للعلم به. و (من باب) بيان للطريقة أو الوسيلة التي يتم بها الدخول.

وتقول: دخلت الكوفة على أهلها من أبوابها لقضاء بعض الحاجات .. فالمفعول هو الكوفة، وهو الأصل، وما ذكر بعده فإنما ذكر لأغراض أخرى بلاغية.

ثانيًا- ومما يدلك على أن الفعل (دخل) لا يتعدى بهذه الأحرف أنه لا يجوز حذفها، ونصب الأسماء بعدها؛ كما حذفت (في)، وانتصب الاسم بعدها .. ومن شروط تعدي الفعل بالحرف أن يكون المجرور به في المعنى مفعولاً به.

وتأمل ذلك في قوله تعالى:? ادْخُلُواْ عَلَيْهِمُ الْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ ? (المائدة: 23)، كيف تعدى الفعل (دخلتموه) إلى ضمير (الباب)؛ لأنه هو المفعول. ولو كان الضمير المجرور بـ (على) في (عليهم) مفعولاً به، لوجب أن يعود عليه هذا الضمير في (دخلتموه).

ثالثًا- التعدي إلى المفعول يعني: وقوع الحدث عليه. فإذا قلت: دخلت في البيت، فمعناه: أن حدث الدخول وقع على البيت ... وإذا قلت: قعد على الأرض، فمعناه: أن حدث القعود وقع على الأرض. ولهذا كان المجرور- هنا- مفعولاً به في المعنى.

فإذا قلت: دخلت البيت على زيد، فمعناه: أن حدث الدخول وقع على البيت؛ لأنه المدخول فيه. فإن كان ثمة وقوع من الفعل على زيد، فلأنه داخل البيت، فالبيت مشتمل عليه. ولو كان مفعولاً في المعنى، لصح أن يكون هو المفعول. بمعنى أن يكون هو المدخول فيه .. فهل هذا معقول يا أستاذ لؤي؟؟؟

وفي الختام تقبل تحياتي، وتمنياتي لك بالتوفيق

ـ[لؤي الطيبي]ــــــــ[31 Mar 2006, 07:23 ص]ـ

معلِّمي الفذّ الأستاذ الفاضل / أبو الهيثم

قد بالغت إسعادي وسروري بالمعلومات الثمينة، التي بذلتها وما زلت تبذل حُبّاً في نشر العلم .. أسأل الله - عزّ وجلّ - أن يجزيك عني وعن كل قاريء خير الجزاء، وأن يجعل التيسير حليفك دائماً .. وأشكرك كل الشكر على تصحيحك، وكلّي فخر وسعادة أن أظلّ تلميذاً لك ينهل من نبع علمك الصافي.

أستاذي الفاضل - أكمل الله أمانيك فيما يحبّه ويرضاه ..

في قوله تعالى: (كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِندَهَا رِزْقاً) [آل عمران: 37]، يقول العكبري: " فحقّ (دخل) أن يتعدّى بـ (في) أو (إلى)، لكنه اتسّع فيه، فأوصل بنفسه إلى المفعول " (إعراب القرآن، 1/ 74). وعلى هذا التوسّع مدار الحديث.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير