تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

لا يزال السياق في ذكر الله وتذكيره لقصص موسى مع قومه، فقد ذهب موسى إلى ميقات ربه وانقضت أربعين يوماً، ثم اتخذ قومه العجل رباً يعبدونه وهو عبارة عن حلي نساء بني إسرائيل صاغها السامري في هيئة عجل فعبدوه، وسيأتي بسط ذلك بالتفصيل في سورة طه إن شاء الله. ويذكر الله سبحانه وتعالى كيف ظلموا أنفسهم بعدما نجاهم الله من فرعون وجنوده، ومن الدكتاتورية الوحشية التي أذلت بني إسرائيل أيما إذلال، وهاهم يعبدون العجل من بعد تلك النعمة بإنقاذهم، ولكن مع ذلك غفر الله لهم، وعفا عنهم لعلهم يعودون إليه ويعبدونه وحده لا شريك له، ثم يذكرهم الله بمنته وفضله أنه آتى موسى الكتاب وهو التوراة وهو الفرقان الذي يفرق بين الحق والباطل لعلكم تهتدون.

ويورد الله عز وجل هذه الآيات وفيها التذكير والأحداث التي سبقت في الأسلاف الماضية، وفيها تذكير بما جرى لهم، وكيف تكون عاقبة الكفر، وكيف أن الله عز وجل يعفو ويغفر، وكيف تجلى حلمه وعفوه على بني إسرائيل لجهلهم، ولكن بعدما أتتهم التوراة، والهدى المتألق بين دفتيها، فليس بعد ذلك عذر لمعتذر فقد أتى البيان الظاهر، والنور الباهر، وتجلت الحقائق، فمن أين أتى كل ذلك على محمد صلى الله عليه وسلم إلا عن طريق الوحي السماوي.

الوقفات

1 - الشرك بالله ظلم للنفس عظيم.

2 - الحث على شكر الله على نعمة العفو والمغفرة.

3 - إقرار وجود التوراة في عهد موسى عليه السلام، وهو كتاب مقدس من الكتب السماوية، ونحن كمسلمين نؤمن بوجوده على هيئته الحقيقية في عهد موسى، ولكن ما تتداوله الأيدي الآن فليس بالأصلي وهو محرف.

4 - إثبات إقامة الحجة على الناس بعد إرسال الرسول، وإنزال الكتاب فبهما يتميز الحق من الباطل.


(الحلقة التاسعة والثلاثون)

(وإذ قال موسى لقومه يا قوم إنكم ظلمتم أنفسكم باتخاذكم العجل فتوبوا إلى بارئكم فاقتلوا أنفسكم ذلكم خير لكم عند بارئكم فتاب عليكم إنه هو التواب الرحيم (54))

هذه الآية تعبر عن الحال الذي وصلوا فيه بني إسرائيل من إغضاب الرب سبحانه وتعالى الذي أنعم عليهم، وأنجاهم من الأعداء، وأنزل عليهم الكتاب، وأرسل لهم موسى نبياً منقذاً بالمعجزات، وبالتوراة، فما السبيل إلى إرضاء الرب، وما الخلاص من هذا الذنب، وكيف كانت توبتهم لقد أمر الله نبيه بان يقتل من لم يعبد العجل من عبد العجل لكي تتم التوبة لهم، وهذه والله من الأغلال الثقيلة التي شددوا على أنفسهم فشدد الله عليهم، فأخذوا الخناجر بأيديهم وغشيتهم ظلمة شديدة فجعل يقتل بعضهم بعضاً فانجلت الظلمة عنهم وقد جلوا عن سبعين ألف قتيل كل من قُتل منهم كانت له توبة، وكل من بقي منهم كانت له توبة، فتاب الله عز وجل على حيهم و ميتهم، وبذلك انتهت قضية عبادة العجل بعد توبة الله عليهم وعودتهم إلى رشدهم.
وفي هذه الآية ذكر الشرك بأنه ظلم للنفس،فهي مفطورة على توحيد الله بالعبادة، فكيف يجرؤ المرء على اتخاذ الأصنام أرباباً، أو الجمادات، أو الأولياء، أو القبور،أو الصلبان، أو الرهبان، أو قبورهم، أو المزارات يطوفون بها، ويبكون عندها ويسجدون لها ويستغيثون بأصحابها، كيف يكون ذلك في قلب مفطور أصلاً على توحيد العبادة لله، وكيف يكون ذلك في قلوبٍ تنتمي إلى الإسلام، وتعتز بالإسلام، وهي أقرب إلى الشرك والعياذ بالله، وتشد الرحال إلى المزارات، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (لا تشد الرحال إلا إلى ثلاث مساجد مسجدي هذا، والمسجد الحرام، والمسجد الأقصى).

الوقفات

كان التقاتل بين الناس توبة في شريعة موسى عليه السلام.
إثبات الولاء لله وأن عباد الله دائماً وابداً ينفذون أوامر الله مهما كانت شدتها وصعوبتها.

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير