تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

1 - ان جبريل عليه السلام خيّر النبي بين ان تقطع رؤس التماثيل او ان تجعل بساطا. وهذان الخياران حقيقة لا يردّان الى علة واحدة, وانما الى علتين, ولا يمكن بأي حال من الاحوال الجمع بينهما وهما: الاولى مضاهاة خلق الله (وهذا يعلّل طلب قطع الرؤوس) , والثانية التعظيم (وهذا يعلّل ان تجعل بساطا). فلو فهمنا ان طلب جبريل بقطع الرؤوس هو لعلة مضاهاة خلق الله, فهل تنتفي هذه العلة بجعلها بساطا؟

2 - ذهب بعض الفقهاء والتابعين ومنهم ابن عباس الى ان الله يأمر صانعي التماثيل ان ينفخوا فيها الروح, واجازوا الصور مع الكراهة. لكننا نرى ان الحديث هنا يأمر بقطع الرؤوس من الصور, وليس من التماثيل ..

نتيجة لربط التصوير بطلب الاحياء, قسم الفقهاء التصاوير الى ما يجوز تصويره وما لا يجوز تصويره وتكلموا عن ما له ظل وما ليس له ظل, حتى رووا عن مجاهد انه ذهب الى تحريم تصوير الشجر المثمر.

غير ان قراءتنا للمعاجم اللغوية تشير الى وجه آخر في فهم رأي مجاهد في تصوير الشجر المثمر .. ونقرأ في المعاجم ما جاء عن هذا الموضوع:

- جاء في لسان العرب: " وفي حديث مجاهد: كره أَن يَصُورَ شجرةً مثمرةً؛ يحتمل أَن يكون أَراد يُمِيلها فإِن إِمالتها ربما تؤدِّيها إِلى الجُفُوف، ويجوز أَن يكون أَراد به قطعها." (لسان العرب ج4 ص475)

- جاء في الفائق: ". ومنه حديث مجاهد رحمه الله تعالى: أنه نهى عن أن تَصُور شَجرةً مُثِمْرة. أى تُميلها لأنها تصفّر بذلك ويقل ثمرُها." (الفائق 2 ص321)

- " ومنه حديث مجاهد " كَرِهَ أن يَصُور شَجَرةً مُثْمرةً " أي يُميلَها , فإنَّ إمالَتَها رُبَّما أدَّتْها إلى الجُفوف ويجوز أن يكون أرادَ به قَطْعَها ومنه حديث عِكْرِمة " حَمَلة العرْش كُلُّهم صُورٌ " جمع أصْوَر , وهو الماثِل العُنُق لِثِقْل حِمْلِه .. " (النهاية في غريب الحديث 3/ 60)

وربما هذا الفهم هو ما يستقيم مع الحديث التالي الذي جاء في سنن ابن ماجه:

حدثنا العباس بن عثمان ا لدمشقي حدثنا الوليد حدثنا عفير بن معدان حدثنا سليم بن عامر عن ابي أمامة أن امرأة أتت النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته ان زوجها في بعض المغازي فاستأذنته أن تصوّر في بيتها نخلة فمنعها او نهاها

ثم ان هذا الحديث يعارض ما ذهب اليه ابن عباس وغيره من جواز تصوير ما ليس فيه روح كالشجر وغيره .. اما اذا وضعنا الحديث في سياق النهي عن الترف فان ذلك يأتي متناسقا متماسكا كما سنبيّن.

ما تناولناه الى الان هو دراسة الاحاديث من حيث المتن, واذا تناولنا الاحاديث الواردة في البخاري من حيث السند, فاننا سنلحظ كذلك الكثير من الاضطرابات. ونعتقد ان ما اوردناه على صعيد المتن هو كاف, لكن سنتناول السند بالدراسة ليس لنبني عليها, فقد سبقت جهود علماء جبارة في هذا المجال لا نستطيع بأي حال من الاحوال ان نجاريهم في هذا الامر لأسباب هي اكثر من موضوعية. ما نريده هو فقط لفت النظر على عدة نقاط في السند مثيرة للتساؤل.

اولا: هناك أربع روايات في صحيح البخاري ينتهي سندها بـ القاسم بن محمد عن عائشة. واللافت للنظر ان هناك رواية عن القاسم بن محمد انه كان يستخدم التصاوير في بيته: وقد جاء في فتح الباري ما نصه: "قلت: المذهب المذكور نقله ابن أبي شيبة عن القاسم بن محمد بسند صحيح ولفظه عن ابن عون " قال دخلت على القاسم وهو بأعلى مكة في بيته، فرأيت في بيته حجلة فيها تصاوير القندس والعنقاء ... والقاسم بن محمد أحد فقهاء المدينة، وكان من أفضل أهل زمانه، وهو الذي روى حديث النمرقة، فلولا أنه فهم الرخصة في مثل الحجلة ما استجاز استعمالها، لكن الجمع بين الأحاديث الواردة في ذلك يدل على أنه مذهب مرجوح، وأن الذي رخص فيه من ذلك ما يمتهن، لا ما كان منصوبا." (فتح الباري) وبالعودة على الاحاديث التي رواها نجد العبارات التالية:

1 - : أَشدُّ الناس عذاباً يومَ القيامة الذين يُضاهون بخلق الله.

2 - : إن أصحابَ هذهِ الصُّوَر يُعذَّبون يومَ القيامة، يقال لهم أحيُوا ما خَلقتم، وإنَّ الملائكة لا تدخُل بيتاً فيه الصّورة

3 - : إنَّ أصحابَ هذهِ الصُّوَر يعذَّبون يومَ القيامة ويقال لهم: أحيوا ما خَلَقتم. وقال: إنَّ البيتَ الذي فيه الصوَر لا تدخلهُ الملائكة

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير