تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

القضية الرابعة: يرى أن هذا المصطلح (الإعجاز العلمي) أثر من آثار التغريب الفكري فهذه التسمية منطلقة من تقسيم العلوم إلى أدبية وعلمية ... وفي ذلك رفع من شأن العلوم التجريبية على غيرها من العلوم النظرية التي فيها علوم الشريعة

وإذا كان هذا يسمى بالإعجاز العلمي فماذا يسمى الإعجاز اللغوي أليس إعجازًا علميا؟ أليست اللغة علماً، وقل غيرها في وجوه الإعجاز المحكية.

لا شك أنها علوم لكنها غير العلم الذي يريده الدنيويون الغربيون الذي أثروا في حياة الناس اليوم وصارت السيادة لهم

ومما يؤسف له أن يتبعهم فضلاء من المسلمين في هذا المصطلح دون التنبه لما تحته من الخطر والخطأ. ص (52 - 53)

المناقشة: أقول: إن جعل هذا المصطلح أثرا من آثار التغريب أمر فيه تحسس كبير، إذ وصف هذا اللون الإعجاز (بالعلمي) هو للتميز عن الألوان الأخرى من وجوه الإعجاز ولا يخرج الوجوه الأخرى كاللغوي والتشريعي وغيرها عن وصفها بالعلمية؛ ذلك أن هذه المصطلحات قد استقرت، وأصبح إطلاق كلمة (العلمي) ينصرف مباشرة إلى العلوم الطبيعية. وهو كقولنا في تقسيم الأساليب إلى أسلوب علمي وأسلوب خطابي، وأسلوب أدبي فهذا التقسيم لا يعني أن الأسلوبين الآخرين ليسا علميين بالمفهوم العام. ومن المعلوم أن تحديد المصطلحات أمر مهم في فهم الأمور.

ثم إن القضايا الاصطلاحية تحدد حسب ما تتطور إليه المعارف البشرية؛ لذلك قديما قالوا: لا مشاحة في الاصطلاح. ومن هنا فينبغي تجاوز الشكليات إلى المضامين، خصوصا إذا كان هذا المصطلح لا يقوم رفضه على أساس شرعي.

ثم إذا أردنا الاعتراض على مثل هذا المصطلح فلا بد من إيجاد البديل.

القضية الخامسة: يقول إن بعض من نظر للإعجاز العلمي وضع قاعدة: وهي أن لا يفسر القرآن إلا بما يثبت حقيقة علمية لا تقبل الشك لئلا يتطرف الشك إلى القرآن إذا ثبت بطلاق فرضية فسرت بها آية.

وهذا القيد خارج عن العمل التفسيري ولا يتوافق مع أصول التفسير وهو قيد يلتزم به مقيده وإن لم يكن في الواقع قد التزمه كثيرون ممن بحث في هذا الموضوع ولا يلزم به المفسر لأن التفسير أوسع من الإعجاز (ص53).

ثم يخلص إلى نتيجة بعد أن بين أن كتّاب الإعجاز العلمي لا يلتزمون بهذه القاعدة فيقول: " وبهذا فإنه لا يوجد قاعد تخص الإعجاز العلمي على هذا السبيل إذ يمكن أن تكون كثير من فرضيات البحوث التجريبية مما لا تخضع للإدراك البشري ثم نصححها لورود ما يدل عليها من القرآن اجتهادا أن هذا الآية تشهد لتلك النظرية. ص (53).

المناقشة: أقول: إن عدم التزام الباحثين بالوقوف عند القاعدة المذكورة لا يعني عدم صحة القاعدة، وإنما يطعن ذلك في أسلوب بحثهم. هذا أولاً

ثانيا: هذه القاعدة ضرورية في التنظير؛ لذا فإن جميع من نظر للإعجاز العلمي – حسب اطلاعي- نص عليها ولم يخالف في سياق التقنين والتقعيد في أصول الإعجاز العلمي أحد من الباحثين. لذا فإن ما ذكره فضيلة الدكتور مساعد أثار استغرابي.

ومن الغريب كذلك أن يجنح الدكتور إلى عدم اعتمادها مع أن قوام الحفاظ على شخصية الإعجاز العلمي القرآني يقوم على هذه القاعدة.

ثم إن في عبارة الدكتور مساعد التالية (إذ يمكن أن تكون كثير من فرضيات البحوث التجريبية مما لا تخضع للإدراك البشري) بعض اللبس إذ كيف تكون هذه الفرضيات خاضعة للبحث التجريبي ولا تكون خاضعة للإدراك البشري. إذ من المقرر- كما لا يخفى على أمثال الدكتور مساعد- أن هناك فرقا بين العلوم التجريبية والعلوم العقلية.

القضية السادسة: يقول إن أي تفسير جاء بعد تفسير السلف فإنه لا يقبل إلا بضوابط ذكر منها:

أن لا يتناقض (يبطل) ما جاء عن السلف (أعني الصحابة والتابعين وأتباع التابعين)،وذلك لأن فهم السلف حجة يحتكم إليه ولا تجوز مناقضته البتة، فمن جاء بتفسير بعدهم سواء أكان مصدره اللغة أو بحثا تجريبيا فإنه لا يقبل إن يناقض قوله. (ص 56).

المناقشة: إن ما ذكره من هذه الضوابط يحتاج إلى تفصيل:

ذلك أن القول الصادر عن السلف إن كان منقولا نقلا صحيحا عن النبي _ صلى الله عليه وسلم – فالأصل الأخذ بما صح.

وإن كانوا كذلك قد أجمعوا على قول فإنه كذلك لا يصح نقض قولهم وتركه.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير