المناقشة: إن القول بأن أول من قسم التفسير إلى تحليلي وإجمالي وموضوعي هو الدكتور أحمد جمال العمري قول لا يسلِِّم لأن الدكتور العمري مسبوق بهذا التقسيم من قبل ثلة من العلماء.
ويعد الشيخ شلتوت أول من ذكر هذا المصطلح عندما ألف كتابه (القرآن والمرأة).
ثم اطلعت على مذكرة عند الدكتور فضل حسن عباس عندما كان يدرسنا المادة تعود لما قبل الستينات وهي للدكتور الفاضل محمد السماحي – رحمه الله – ذكر فيها هذه التقسيمات.
ثم إن التفسير المقارن قد عرف قبل هذه المدة، فقد حدثنا فضيلة أستاذنا الدكتور فضل عباس أن هذه المادة كانت مقررة عليهم في كلية أصول الدين في الأزهر في الخمسينات أو قبلها، ولا يزال يذكر أن هناك مذكرات كتبها بعض الأساتذة للمادة منهم الدكتور عبد الرحمن عثمان رحمه الله.
وهناك كما هو معلوم كتاب للدكتور الكومي سماه (التفسير الموضوعي) قسّم فيه التفسير إلى أنواع أربعة الثلاثة السابقة وذكر فيها المقارن.
وعليه فليس الأستاذ فهد الرومي هو من زاد هذا التقسيم الأخير كما ذكر الدكتور مساعد.
وأقول إن هذه التقسيمات قد يكون لها جدوى كبيرة في الدراسات التفسيرية وذلك أنها قد تساعد في توجيه الدراسات إلى واحد من هذه الأقسام فالممارس للعمل التفسيري إما أن يدرس التفسير بالطريقة التحليلية أو الطريقة الإجمالية أو الموضوعية أو المقارنة، ففي هذا فائدة عظيمة، خاصة أننا نعيش اليوم عصر المنهجية العلمية التي تؤمن بالتقسيم والتفريع، فوجود مثل هذه التقسيمات مهم وضروري.
القضية الثانية عشرة: يذكر أن التفسير الموضوعي ينشأ عنه ما يلي:
_ تغيب دور السنة وآثار السلف في الموضوع المبحوث.
وذلك لأنه لا يصح أن ينشأ عنصر من عناصر الموضوع القرآني من السنة.
وهذا سيفقد البحث في الموضوعات كثيرا من الأمور المهمة بسب الاقتصار على القرآن وحده.
وضرب مثالا (الصلاة في القرآن) فقال: فإنك لو جعلت من عناصر بحثك (مكان فرض الصلاة) لكان خطأً عند أصحاب التفسير الموضوعي؛ لأنه لا يوجد في القرآن ما يشير إلى هذا الموضوع. ص (243 - 244) بتصرف.
ثم قال: ولقد ساق الاقتصار على دراسة الموضوع من خلال القرآن إلى خلل في التعبير يظهر من لوازمه أن الاعتماد على القرآن وحده يكفي في تصور موضوع من الموضوعات الإسلامية ص (244).
وختم بقوله: إنني أقول بكل ثقة إن من سلك في دراسة بغض الموضوعات الإسلامية الكبيرة أسلوب التفسير الموضوع قد ألزم نفسه بما لا يلزم, وأدخلها في مضايق هو في غنى عنها, فلماذا هذه التجزئة لمتلازمين لا ينفكان: الكتاب السنة ص (244).
المناقشة: أقول إن الناظر في صنيع أصحاب التفسير الموضوعي لن يجد أن أحدا منهم نص أو اقتصر على الآيات القرآنية ملغياً السنة النبوية وآثار السلف الصالح وأما اقتصار التعريفات على الآيات القرآنية فهو في تقديري لتمييزه عن أنواع التفاسير الأخرى الإجمالي والتحليلي والمقارن ولا يعني إلغاء السنة وآثار السلف.
القضية الثالثة عشرة: يذكر أن له تحفظا على مصطلح (مدرسة) في التفسير لأمور:
1 - إن هذا المصطلح من المصطلحات الفلسفية المعاصرة, وقد ظهر للتعبير عن بعض الأفكار التي يتبناها مجموعة من الناس ويدافعون عنها, وينضوون تحتها.
وهذا الأسلوب غير موجود في ما يسمى بمدارس التفسير مطلقا.
2 - ثم إن هذا التصنيف منتقض بما عرف من تنوع شيوخ التابعين وتنوع مواطنهم التي عاشوا فيها, فهل النسبة للمدرسة إلى الشيوخ أم إلى الموطن؟ ص (295).
3 - وجود التباين في المنهج التفسيري بين أفراد كل مدرسة كالتباين بين عطاء ومجاهد.
4 - ما يتميز به الواحد في المدرسة لا يعد من منهج المدرسة العام ,لأن هذه اجتهادات فردية تنسب إلى أصحابها ,ولا تنسب للمدرسة.
5 - والذي يبين عدم صحة هذا الإطلاق أن أصحاب المدرسة المنسوبين إليها قد يخالفون آراء شيخهم في التفسير، واختلاف آرائهم من باب تنوع المعاني وتعدد الأقوال , وليس من باب الاختلاف الذي يرجع إلى قول واحد.
وان المنهج المعتبر عند جميع هذه المدارس متقارب جدا بل نكاد نقف في غالب المنهج.
والذي يظهر أن تفسير السلف يصدر عن مدرسة واحدة، ومصادرهم وأحوالهم متفقة ليس بينهم فيها اختلاف سوى الاختلاف في كثرة الاعتماد على هذا المصدر أو ذاك ص (296 - 297) بتصرف.
¥