تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

والراجحُ والله أعلمُ هو القَوْلُ الثالث، وهو ما رآهُ الشيخُ ابن عثيمين رحمه الله أخيرًا، وهو الذي به تجتمعُ الأدلّةُ؛ فما ثَبَتَ لنا ترتيبُه مِن قِبَلِ النبيِّ ? فإنّنا نَجْزِمُ بتوْقِيفه مِن قِبَلِهِ ?، ولا يَرِدُ على ذلكَ تقديمُه النساءَ على آلِ عمرانَ في القراءةِ؛ لأنّ ترتيبَ السُّوَر في القراءةِ ليسَ بواجبٍ فلعلّهُ فعلَ ذلكَ لبيانِ الجواز كما قالهُ السيوطيُّ (21). أو لعلّهُ قبل العرْضَةِ الأخيرة كما ذكره الشيخُ ابن عثيمين رحمه الله (22)، وما لَمْ نَقِفْ له على دليلٍ فلا نَجْزِمُ بتوقيفهِ لِعَدم وُجودِ الدليلِ الدَّالِّ عليه، ويكونُ ترتيبُه باجتهادٍ مِن الصحابةِ ?، وربّما يكونُ هذا الاجتهادُ مَبْنيًا على مُستندٍ فِعْلِيٍّ، قال الإمامُ مالك:" إنّما أُلِّفَ القرآنُ على ما كانوا يسمعون مِن قراءةِ النبيِّ ? ". (23)

ولِذا قال الزركشيُّ:" والخلافُ بينَ الفريقينِ لَفْظيّ، لأنّ القائلَ بالثاني – أيْ أنّه باجتهادِ الصحابةِ – يقولُ: إنّه رُمِزَ إليهم بذلك لعلمهم بأسبابِ نزوله ومواقعِ كلماته، ولهذا قال الإمام مالك:" إنّما أُلِّفَ القرآنُ على ما كانوا يسمعون مِن قراءةِ النبيِّ ? " معَ قَوْلِه بأنّ ترتيبَ السُّوَر باجتهادٍ مِنهم، فَآلَ الخلافُ إلى أنّه:هل هو بتوْقِيفٍ قَوْلِيٍّ أو بِمُجَرَّدِ استنادٍ فِعْلِيٍّ بحيثُ بَقِيَ لهم فيه مجالٌ للنظر ". (24)

وعلى كُلٍّ سواءٌ قُلنا بالتوْقِيفِ أو بالاجتهادِ فالذي ينبغي اعتقاده الآن أنّ ترتيبهُ في المصْحَفِ اليوم حَصَلَ بإجماعٍ مِن الصحابة ?، ومَضَت الأُمّةُ على قَبُولِه، وهو مِن سُنَنِ الخلفاء الراشدين التي أُمرنا باتّباعها والله أعلم.


حواشي سفلية "
(1) الحديث تقدّم تخريجه، وقوله:" قبلها في التلاوة " ليست في البخاري فهي مُدرجةٌ مِن كلام الشيخِ ابن عثيمين.
(2) هو: سليمان بن الأشعث، أبو داود الأزدي السجستاني، صاحب السنن،ومقدّم الحفّاظ ومُحدِّث البصرة، توفِّيَ سنة (275 هـ).
انظر: سير أعلام النبلاء (13/ 203)، شذرات الذهب (2/ 167).
(3) هو: أحمد بن شعيب النسائي، أبو عبد الرحمن، ناقد الحديث وصاحب السنن، كان إمامًا حافظًا ثبْتًا، توفِّيَ سنة (303 هـ).
انظر: سير أعلام النبلاء (14/ 125)، شذرات الذهب (2/ 239).
(4) هو: محمد بن عيسى الترمذي، الحافظ العَلَم الإمامُ البارع، مصنِّف كتاب: الجامع، وكتاب العلل، توفِّيَ سنة (279 هـ) بِتِرْمِذ.
انظر: سير أعلام النبلاء (13/ 270)، شذرات الذهب (2/ 174).
(5) الحديث رواه أحمد في مُسنده (1/ 92) برقم (401)، وأبو داود في سننه في كتاب: الصلاة / باب: مَن جهرَ بها (1/ 498) برقم (786)، والنسائي في السنن الكبرى برقم (8007)، والترمذيُّ في جامعه في كتاب: تفسير القرآن / باب: ومن سورة التوبة (5/ 272) برقم (3068).
والحديث ضعَّفهُ الألبانيُّ في ضعيف سنن الترمذي برقم (599).
وقد قام بدراسةِ الحديث دراسةً مُطولة عبدُ الله الجديع وذكرَ عِلَلَهُ وأجاب عنها في كتابه: المقدمات الأساسية في علوم القرآن صـ (124) وخَلُصَ إلى أنّ الحديثَ صحيحٌ.
(6) الحديث أخرجه مسلم في كتاب: صلاة المسافرين / باب: استحباب تطويل القراءة في صلاة الليل (1/ 536) برقم (772).
(7) الحديث أخرجه البخاريُّ مُعلّقًا في كتاب: الأذان / باب: الجمع بين السورتين في الركعة (1/ 188).
(8) هو الأحنف بن قيس التميمي، أبو بحر، أحد مَن يُضْرَبُ بحلمه وسؤدده المثل، أسلمَ في حياة النبيِّ ? ووفدَ على عمر ?، توفِّيَ سنة (67 هـ) وقيل (71 هـ).
انظر: سير أعلام النبلاء (4/ 86)، شذرات الذهب (1/ 78).
(9) أصول في التفسير صـ (21) وما بعدها.
(10) تفسير سورة البقرة (2/ 449). وانظر: تفسير سورة البقرة (3/ 177)، تفسير سورة الزمر (الآية 1)، الشرح الممتع (3/ 90)، مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين (14/ 64).
(11) انظر: البرهان في علوم القرآن (1/ 323).
(12) انظر: الإتقان في علوم القرآن (1/ 189) وما بعدها.
(13) مجموع فتاوى ابن تيمية (1/ 597).
(14) الحديث أخرجه مسلم في كتاب: الجمعة / باب: ما يقرأ في صلاة الجمعة (1/ 597) برقم (877) مِن حديث أبي هريرة ?.
(15) الشرح الممتع (3/ 113). وانظر: تفسير سورة الزمر (الآية 1)، مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين (14/ 64).
(16) كما تقدمت الإشارةُ إلى ذلكَ في البابِ الأول عند الحديث عن رسالته.
(17) نَسَبَهُ السيوطيُّ لأبي بكرٍ الأنباريّ،والكرمانيّ،والطيبيّ،والنَّحّاس. انظر: الإتقان في علوم القرآن (1/ 194).
(18) ونَسَبَهُ السيوطيُّ للجمهور. انظر: المرجع السابق.
(19) ونَسَبَهُ السيوطيُّ لابن عطيّة. انظر: المرجع السابق.
(20) ونَسَبَهُ السيوطيُّ للبيهقي، ومالَ إليه. انظر: الإتقان في علوم القرآن (1/ 194). واستظهره الشنقيطيُّ، انظر: أضواء البيان (2/ 382).
(21) انظر هذه المسألةَ في: البرهان في علوم القرآن (1/ 324)، فتح الباري (10/ 48)، الإتقان في علوم القرآن (1/ 194)، مناهل العرفان في علوم القرآن (1/ 353)، أضواء البيان (2/ 382).
(22) انظر: الإتقان في علوم القرآن (1/ 198).
للاستزادة انظر: فتح الباري (10/ 48).
(23) انظر: الشرح الممتع (3/ 112).
(24) أخرجه الدانيُّ في المقنع صـ (8) وإسناده صحيح.
(25) البرهان في علوم القرآن (1/ 325).
¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير