تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

كما سبق لي أن ذكرت في الرد على القول بتعدي (دخل) بـ (على): أنه إذا كان المدخول عليه في كهف تحت الأرض، وطلب منا الدخول عليه، فماذا نقول: أنقول: دخلت فيه، أو: دخلت معه، أو دخلت به، أو دخلت عليه ... ؟ من البدهي أننا سنقول: دخلت عليه .. فهل يشير (على) هنا مع فعل الدخول إلى ارتفاع المكان، الذي فيه المدخول عليه، وعلوه؟ ....

?وأقول هنا: إن الكلام الذي ذكره الدكتور الأنصاري في تعليله لتعدي (دخل) بـ (على) في قوله تعالى:? وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِندَهَا رِزْقاً ? (آل عمران 37)، يكون تعليلاً جيدًا، لو أن الفعل (دخل) من الأفعال التي تتعدى إلى مفعولها بحرفين أو أكثر أولاً. أو كان من الأفعال التي تتعدى إلى مفعولين أحدهما بنفسها، والثاني بحرف الجر ثانيًا. فحينذ فقط يمكن أن نختار من هذه الحروف أنسبها للسياق، ونعدِّيه به؛ كما كان الشأن في غيره من الأفعال التي تقدم ذكرها.

ولهذا قلت: ينبغي أن نفرق بين قولنا: أشرفت على القوم، ومررت على القوم .. وبين قولنا: دخلت على القوم؛ لأن (القوم) في الأول والثاني مفعول في المعنى تعدى إليه الفعل بوساطة (على) خلافًا للقوم في القول الثالث؛ إذ مفعوله محذوف تقديره: دخلت المجلس على القوم. ومثله قوله تعالى:? وَجَاء إِخْوَةُ يُوسُفَ فَدَخَلُواْ عَلَيْهِ فَعَرَفَهُمْ وَهُمْ لَهُ مُنكِرُونَ ? (يوسف: 58)، وقوله تعالى:? وَلَمَّا دَخَلُواْ عَلَى يُوسُفَ آوَى إِلَيْهِ أَخَاهُ ? (يوسف:69). أي: دخلوا القصر عليه. وليس هذا لأن يوسف عليه السلام في مكان عال شريف. أو لأن الداخل عليه يلقى من المشقة ما يلقاه؛ لأنك تقول: دخلت على المجرم في سجنه .. ودخلت على أخي في مكتبه .. ودخلت على والدي في حجرته .. ونحو ذلك مما ليس فيه علو، أو مشقة.

وأما قوله تعالى:? وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيَانَ ? (يوسف: 36) فالمفعول به هنا هو (السجن). و (معه) حال من الفاعل. والأصل: ودخل السجن معه فتيان. أي: مصاحبين له. وهذا ما أشار إليه الزمخشري بقوله:(مع) يدل على معنى الصحبة واستحداثها. تقول: خرجت مع الأمير. تريد: مصاحبًا له. فيجب أن يكون دخولهما السجن مصاحبين له “. فتعلق (مع) هنا بالفعل هو من تعلق المفعول فيه بالفعل.

وأما قوله تعالى:? فَإِن لَّمْ تَكُونُواْ دَخَلْتُم بِهِنَّ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ ? (النساء:23) فالمفعول في الأصل محذوف تقديره: فإن لم تكونوا دخلتم الستر بهن .. ولكن حذف المفعول، وعدِّيَ بالباء؛ لأنه كنِّيَّ بالدخول عن الجماع. وهذا ما أشار إليه أبو حيان بقوله:” الدخول هنا كناية عن الجماع لقولهم: بنى عليها. وضرب عليها الحجاب. والباء للتعدية. والمعنى: اللائي أدخلتموهن الستر. قاله ابن عباس وطاوس وابن دينار “.

فقوله تعالى:? دَخَلْتُم بِهِنَّ ? عدِّي الفعل فيه بالباء؛ لأنه كُنِّيَ به عن الجماع، لا لأن الفعل (دخل) يتعدى بالباء. وهذا واضح .. ولو كان الضمير المجرور بـ (على)، و (الباء)، و (مع) يعود على مفعول (دخل) الظاهر أو المضمر في الآيات السابقة، لجاز لنا أن نقول: إنه تعدى إلى مفعولين: الأول بنفسه، وتعدى إلى الثاني بحرف الجر. وهذا بعيد جدًّا.

أما قوله تعالى:? فَادْخُلِي فِي عِبَادِي * وَادْخُلِي جَنَّتِي ? (الفجر:29 - 30)، فقال فيه أبو حيان:” تعدى (فادخلي) أولاً بـ (في)، وثانيًا بغير (في)؛ وذلك أنه إذا كان المدخول فيه غير ظرف حقيقي تعدت إليه بـ (في). دخلت في الأمر، ودخلت في غمار الناس، ومنه: (فَادْخُلِي فِي عِبَادِي ?. وإذا كان المدخول فيه ظرفًا حقيقيًّا، تعدت إليه في الغالب بغير وساطة في “.

الفعل الثاني- (خرج):

((ذكر الدكتور الأنصاري أنه يتعدى بـ (من)، و (إلى)، و (على)، و (اللام)، و (مع)، و (في).

وذكر من تعديته بـ (من) قوله تعالى:? أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُواْ مِن دِيَارِهِمْ ? (البقرة:243).

ومن تعديته بـ (إلى) قوله تعالى:? وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ لَكَانَ خَيْراً لَّهُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ? (الحجرات:5).

ومن تعديته بـ (على) قوله تعالى:? فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهٍِ ? (القصص:79).

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير