تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ (79) " فانهم يحوروا الكلام حسب رغباتهم ويكتبوه على غير حروفه التي انزل بها مرة ويلون السنتهم بكلام غير ما انزله ليحسبه الناس كلام الله مرة ويكتموا بعضه مرة ويغيروا معانيه مرة أخرى. فلما اجتمع فساد العلماء وجهل العامة كانوا على ضلال لا يعملو فيه بكتاب ربهم. وقد تبين ذلك من قصة الزانيين اذ كتموا وجود حكمهم في التوراة ففضحهم الله بكتابه وبين ذلك امام الناس بفضله عز وجل والقصة معروفة وقد مرت الايات عن ذلك سابقا.

وقد بين الله عز وجل كيف ان هؤلاء اليهود يأخذوا ببعض الكتاب ويتركوا بعضه فانهم نسوا حرمة دماء بعضهم فكانوا يعرفوا ذلك وتركوا العمل به فقتل بعضهم بعضا ثم انهم عملوا بفداء اسراهم وهو امر عجيب. فهو يقتل اليهودي الذي مثله ثم انه ان وجد الذي كان سيقتله بين الأسرى بدر الى عدم تركه مع العدو. وان كان بينه هذا الذي فداه تظاهر عليه بالاثم والعدوان وطرده من دياره فكيف يفاديهم اتباعا للتوراة ثم يخرهم ظلما من ديارهم وهو محرم عليهم اخراجهم؟

"وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ لَا تَسْفِكُونَ دِمَاءَكُمْ وَلَا تُخْرِجُونَ أَنْفُسَكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ ثُمَّ أَقْرَرْتُمْ وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ (84) ثُمَّ أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ تَقْتُلُونَ أَنْفُسَكُمْ وَتُخْرِجُونَ فَرِيقًا مِنْكُمْ مِنْ دِيَارِهِمْ تَظَاهَرُونَ عَلَيْهِمْ بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَإِنْ يَأْتُوكُمْ أُسَارَى تُفَادُوهُمْ وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْكُمْ إِخْرَاجُهُمْ أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (85) "

وكان اوضح ذلك فعلهم في المدينة: قال ابن جرير:" يعني بقوله جل ثناؤه: (وإن يأتوكم أسارى تفادوهم) اليهود. يوبخهم بذلك، ويعرفهم به قبيح أفعالهم التي كانوا يفعلونها، فقال لهم: ثم أنتم - بعد إقراركم بالميثاق الذي أخذته عليكم: أن لا تسفكوا دماءكم، ولا تخرجوا أنفسكم من دياركم - تقتلون أنفسكم = يعني به: يقتل بعضكم بعضا وأنتم، مع قتلكم من تقتلون منكم، إذا وجدتم الأسير منكم في أيدي غيركم من أعدائكم، تفدونه، ويخرج بعضكم بعضا من دياره. وقتلكم إياهم وإخراجكموهم من ديارهم، حرام عليكم، وتركهم أسرى في أيدي عدوكم [حرام عليكم]، فكيف تستجيزون قتلهم، ولا تستجيزون ترك فدائهم من عدوهم؟ أم كيف لا تستجيزون ترك فدائهم، وتستجيزون قتلهم؟ وهما جميعا في اللازم لكم من الحكم فيهم - سواء. لأن الذي حرمت عليكممن قتلهم وإخراجهم من دورهم، نظير الذي حرمت عليكم من تركهم أسرى في أيدي عدوهم، أفتؤمنون ببعض الكتاب - الذي فرضت عليكم فيه فرائضي، وبينت لكم فيه حدودي، وأخذت عليكم بالعمل بما فيه ميثاقي - فتصدقون به، فتفادون أسراكم من أيدي عدوكم; وتكفرون ببعضه، فتجحدونه، فتقتلون من حرمت عليكم قتله من أهل دينكم ومن قومكم، وتخرجونهم من ديارهم؟ وقد علمتم أن الكفر منكم ببعضه نقض منكم عهدي وميثاقي؟ "

وبن الله تعالى حال أهل الكتاب من ارتكابهم المعاصي واتباعهم اماني كاذبة على الله بانه سيغفر لهم لا محالة ثم ان جائهم اثم مثل الذي ارتكبوه يأخذوه مرة أخر كذبا على الله بانه سيغفر لهم والله عز وجل لا مجبر له يغفر لمن يشاء وليس فعلهم هذا ولا أمانيهم شيء مما انزله الله بل هو قولهم على الله الكذب:

"فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وَرِثُوا الْكِتَابَ يَأْخُذُونَ عَرَضَ هَذَا الْأَدْنَى وَيَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنَا وَإِنْ يَأْتِهِمْ عَرَضٌ مِثْلُهُ يَأْخُذُوهُ أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِمْ مِيثَاقُ الْكِتَابِ أَنْ لَا يَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ وَدَرَسُوا مَا فِيهِ وَالدَّارُ الْآَخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (169) "

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير