ـ[محمود الشنقيطي]ــــــــ[21 Nov 2007, 03:57 م]ـ
قال الشيخ رحمة الله عليه عند قول الحق تعالى وعزّ: {إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا}
ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة: أن من عمل صالحاً وأحسن في عمله أنه جل وعلا لا يضيع أجره، أي جزاء عمله: بل يجازي بعمله الحسن الجزاء الأوفى.
وبين هذا المعنى فيآيات كثيرة جداً، كقوله تعالى: {فاستجاب لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لاَ أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنْكُمْ مِّن ذَكَرٍ أَوْ أنثى}. وقوله تعالى: {يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِّنَ الله وَفَضْلٍ وَأَنَّ الله لاَ يُضِيعُ أَجْرَ المؤمنين} وقوله {هَلْ جَزَآءُ الإحسان إِلاَّ الإحسان} والآيات الدلة على هذه المعنى كثيرة جداً.
وفي هذا المعنى الكريمة سؤلان معروفان عند العلماء:
الأول - أن يقال أين خبر «إن» في قوله تعالى {إِنَّ الذين آمَنُواْ} الآية؟ فإذا قيل: خبرها جملة {إِنَّا لاَ نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً} توجه السؤال.
الثاني - وهو أن يقال: أين رابط الجملة الخبرية بالمبتدأ الذي هو اسم «إن»؟
اعلم أن خبر «إن» في قوله: {إِنَّ الذين آمَنُواْ} قيل هو جملة {أولئك لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ} وعليه فقوله: {إِنَّا لاَ نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً} جملة اعتراضية. وعلى هذا فالرابط موجود ولا إشكال فيه.
وقيل: «إن» الثانية واسمها وخبرها، كل ذلك خبر «إن» الأولى. ونظير الآية من القرآن في الإخبار عن «إن» ب «إن» وخبرها واسمها قوله تعالى في سورة «الحج»: {إِنَّ الذين آمَنُواْ والذين هَادُواْ والصابئين والنصارى والمجوس والذين أشركوا إِنَّ الله يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ القيامة} الآية، وقول الشاعر:
إن الخليفة إن الله ألبسه ... سربال به ترجى الخواتيم
على أظهر الوجهين في خبر «إن» اولى في البيت.
وعلى هذا فالجواب عن السؤال الثاني من وجهين:
الأول - أن الضمير الراب محذوف، تقديره: لا تضيع أجر من أحسن منهم عملاً: كقولهم: السمن منوان بدرهم، أي منوان منه بدرهم، كما تقدم في قوله تعالى: {والذين يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ} الآية. أي يتربص بعدهم.
الوجه الثاني - أن من {مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً} هو الذين آمنوا وعملوا الصالحات. وإذا كان الذين آمنوا، ومن أحسن عملاً ينظمها معنى واحد قام ذلك مقام الربط بالضمير. وهذا مذهب الأخفش، وهو الصواب. لأن الربط حاصل بالاتحاد في المعنى.
ـ[محمود الشنقيطي]ــــــــ[21 Nov 2007, 04:08 م]ـ
عند قوله تعالى (وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ قَالَ مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هَذِهِ أَبَدًا)
يقول الشيخ رحمة الله عليه:
فإن قيل: ما وجه إفراد الجنة مع أنهما جنتان؟
فالجواب - أ نه قال ما ذكره الله عنه حين دخل إحداهما، إذ لا يمكن دخوله فيهما معاً في وقت واحد. وما أجاب به الزمخشري عن هذا السؤال ظاهر السقوط، كما نبه عليه أبو حيان في البحر
ـــــــــــــــ
للفائدة:
جواب الزمخشري رحمه الله: فإن قلت: فلم أفرد الجنة بعد التثنية؟ قلت: معناه ودخل ما هو جنته ماله جنة غيرها، يعني أنه لا نصيب له في الجنة التي وعد المؤمنون، فما ملكه في الدنيا هو جنته لا غير، ولم يقصد الجنتين ولا واحدة منهما.
وتعقبه أبو حيّان رحمه الله بقوله: ولا يتصور ما قال لأن قوله ودخل جنته إخبار من الله تعالى بدخول ذلك الكافر جنته فلا بد أنه قصد في الإخبار أنه دخل إحدى جنتيه إذ لا يمكن أن يدخلهما معاً في وقت واحد، والمعنى {ودخل جنته} يُرِي صاحبَه ما هي عليه من البهجة والنضارة والحسن.
ـ[محمود الشنقيطي]ــــــــ[21 Nov 2007, 04:34 م]ـ
قال -رحمة الله عليه وعلى علماء المسلمين ومحبيهم - عند آية: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآَيَاتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْهَا وَنَسِيَ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ إِنَّا جَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آَذَانِهِمْ وَقْرًا وَإِنْ تَدْعُهُمْ إِلَى الْهُدَى فَلَنْ يَهْتَدُوا إِذًا أَبَدًا}
¥