تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

فقوله: «هكذا» منصوب بقوله: «يفعل» كما أوضحه أبو حيان في البحر. وعليه فعلى قراءة طلحة بن مصرف فقوله: إِذَا منصوب بقوله: أَخْرَجَ؛ لعدم وجود اللام فيها وعدم منع حرف التنفيس من عمل ما بعده فيما قبله.

فإن قلت: لام الإبتداء الداخلة على المضارع تعطي معنى الحال، فكيف جامعت حرف التنفيس الدال على الاستقبال؟

فالجواب: أن اللام هنا جرِّدت من معنى الحال، وأخلصت لمعنى التوكيد فقط. ولذلك جامعت حرف الاستقبال كما بينه الزمحشري في الكشاف، وتعقبه أبو حيان في البحر المحيط بأن من علماء العربية من يمنع أن اللام المذكورة تعطي معنى الحال، وعلى قوله: يسقط الإشكال من أصله. والعلم عند الله تعالى.

قال رحمه الله تعالى:

فإن قيل: ظاهر الآية أن لفظة {خَيْرٌ} في قوله: {خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَاباً وَخَيْرٌ مَّرَدّاً}،صيغة تفضيل، والظاهر أن المفضل عليه هو جزاء الكافرين. ويدل لذلك ما قاله صاحب الدر المنثور، قال: وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله: {خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَاباً}،يعني: خير جزاء من جزاء المشركين. {وَخَيْرٌ مَّرَدّاً}،يعني: مرجحاً من مرجعهم إلى النار. والمعروف في العربية أن صيغة التفضيل تقتضي مشاركة المفضل عليه. والخيرية منفية بتاتاً عن جزاء المشركين وعن مردهم، فلم يشاركوا في ذلك المسلمين حتى يفضلوا عليهم.!

فالجواب: أن الزمخشري في كشَّافه حاول الجواب عن هذا السؤال بما حاصله: أنه كأنه قيل ثوابهم النار، والجنة خير منها على طريقة قول بشر بن أبي حازم:

غضبت تميم أن تقتل عامر** يوم النسار فأعتبوا بالصيلم

فقوله:

«أعتبوا بالصيلم» يعني أرضوا بالسيف، أي لا رضى لهم عندنا إلا السيف لقتلهم به. ونظيره قول عمرو بن معدي كرب:

وخيلٍ قد دلفت لها بخيل ** تحية بينهم ضرب وجميع

أي لا تحية بينهم إلا الضرب الوجيع. وقول الآخر:

شجعاء جرتها الذميل تلوكه ** أصلاً إذا راح المطي غراثا

يعني أن هذه الناقة لا جرة لها تخرجها من كرشها فتمضغها إلا السير، وعلى هذا المعنى فالمراد: لا ثواب لهم إلا النار. وباعتبار جعلها ثواباً بهذا المعنى فضل عليها ثواب المؤمنين. هذا هو حاصل جواب الزمخشري مع إيضاحنا له.

قال مقيده عفا الله عنه وغفر له: ويظهر لي في الآية جواب آخر أقرب من هذا، وهو أنا قدمنا أن القرآن والسنة الصحيحة دلا على أن الكافر مجازى بعمله الصالح في الدنيا، فإذا بر والديه ونفس عن المكروب، وقرى الضيف، ووصل الرحم مثلاً يبتغي بذلك وجه الله فإن الله يثيبه في الدنيا؛ كما قدمنا دلالة الآيات عليه، وحديث أنس عند مسلم. فثوابه هذا الراجع إليه من عمله في الدنيا، هو الذي فضل الله عليه في الآية ثواب المؤمنين. وهذا واضح لا إشكال فيه. والعلم عند الله تعالى.

ـ[محمود الشنقيطي]ــــــــ[03 Aug 2008, 02:25 م]ـ

قال الشيخ - رحمه الله تعالى - عند آية طه (فَأْتِيَاهُ فَقُولَا إِنَّا رَسُولَا رَبِّكَ فَأَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَا تُعَذِّبْهُمْ قَدْ جِئْنَاكَ بِآَيَةٍ مِنْ رَبِّكَ وَالسَّلَامُ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى)

تنبيه:

فإن قيل، ما وجه الإفراد في قوله {إِنَّا رَسُولُ رَبِّ العالمين} في «الشعراء»؟ مع أنهما رسولان؟ كما جاء الرسول مثنى في «طه» فما وجه التثنية في «طه» والإفراد في «الشعراء»، وكل واحد من اللفظين: المثنى والمفرد يراد به موسى وهارون؟

فالذي يظهر لي والله تعالى أعلم أن لفظ الرسول أصله مصدر وصف به، والمصدر إذا وصف به ذكر وأفرد كما قدمنا مراراً. فالإفراد في «الشعراء» نظراً إلى أن أصل الرسول مصدر. والتثنية في «طه» اعتداداً بالوصفية العارضة وإعراضاً عن الأصل، ولهذا يجمع الرسول اعتداداً بوصفيته العارضة، ويفرد مراداً به الجمع نظراً إلى أن أصله مصدر. ومثال جمعه قوله تعالى: {تِلْكَ الرسل ... } الآية، وأمثالها في القرآن. ومثال إفراده مراداً به الجمع قول أبي ذؤيب الهذلي:

ألكني إليها وخير الرسول ** أعلمهم بنواحي الخبَرْ

ومن إطلاق الرسول مراداً به المصدر على الأصل قوله:

لقد كذب الواشون ما فهت عندهم ** بقول ولا أرسلتهم برسولِ

أي برسالة.

وقول الآخر:

ألا بلغ بني عصم رسولا ** بأني عن فتاحتكم غنيُّ

يعني أبلغهم رسالة.

ـ[محمود الشنقيطي]ــــــــ[08 Mar 2009, 10:20 ص]ـ

ويقول رحمه الله تعالى عند آية (قَالَ بَلْ أَلْقُوا فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى)

فإن قيل: قوله في «طه»: {يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِن سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تسعى} الآية، وقوله في «الأعراف»: {سحروا أَعْيُنَ الناس} الدالان على أن سحر سحرة فرعون خيال لا حقيقة له، يعارضهما قوله في «الأعراف»: {وَجَآءُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ} لأن وصف سحرهم بالعظم يدل على أنه غير خيال.!

فالذي يظهر في الجواب والله أعلم:

أنهم أخذوا كثيراً من الحبال والعصي، وخيلوا بسحرهم لأعين الناس أن الحبال والعصي تسعى وهي كثيرة. فظن الناظرون أن الأرض ملئت حيات تسعى، لكثرة ما ألقوا من الحبال والعصي فخافوا من كثرتها، وبتخييل سعي ذلك العدد الكثير وصف سحرهم بالعظم. وهذا ظاهر لا إشكال فيه. وقد قال غير واحد: إنهم جعلوا الزئبق على الحبال والعصي، فلما أصابها حر الشمس تحرك الزئبق فحرك الحبال والعصي، فخيل للناظرين أنها تسعى وعن ابن عباس: أنهم كانوا اثنين وسبعين ساحراً، مع كل ساحر منهم حبال وعصي.

وقيل: كانوا أربعمائة.

وقيل كانوا اثني عشر ألفاً.

وقيل أربعة عشر ألفاً.

وقال ابن المنكدر: كانوا ثمانين ألفاً.

وقيل: كانوا مجمعين على رئيس يقال له شمعون.

وقيل: كان اسمه يوحنا معه اثني عشر نقيباً، مع كل نقيب عشرون عريفاً، مع كل عريف ألف ساحر.

وقيل: كانوا ثلاثمائة ألف ساحر من الفيوم، وثلاثمائة ألف ساحر من الصعيد وثلاثمائة ألف ساحر من الريف فصاروا تسعمائة ألف، وكان رئيسهم أعمى ا هـ.

وهذه الأقوال من الاسرائيليات، ونحن نتجنبها دائماً، ونقلل من ذكرها، وربما ذكرنا قليلاً منها منبهين عليه ...

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير