تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

فمن قضى الفائتة كمل العدد المأمور به، ولكونه على مقتضى ظاهر الخطاب. لقول الشارع «فليصلها» ولم يذكر زيادة، وقال أيضاً: «لا كفارة لها، إلا ذلك» فاستفيد من هذا الحصر ان لا يجب غير إعادتها.

وذهب مالك إلى أن من ذكر بعد أن صلى صلاة أنه لم يصل التي قبلها فإنه يصل التي ذكر، ثم يصلي التي كان صلاها مراعاة للترتيب - انتهى منه.

فإن قيل: جاء في صحيح مسلم في بعض طرق حديث أبي قتادة في قصة نوم النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه عن صلاة الصبح حتى ضربتهم الشمس ما نصه: ثم قال: يعني (النبي صلى الله عليه وسلم): «أما إنه ليس في النوم تفريط إنما التفريط على من لم يصل الصلاة حتى يجيء وقت الصلاة الأخرى , فمن فعل ذلك فليصلها حين ينتبه لها , فإذا كان الغد فليصلها عند وقتها» اهـ.

فقوله في هذا الحديث: فإذا كان الغد .. الخ يدل على أنه يقضي الفائتة مرتين: الأولى عند ذكرها، والثانية: عند دخول وقتها من الغد؟

فالجواب ما ذكره النووي في شرحه للحديث المذكور قال: وأما قوله صلى الله عليه وسلم: «فإذا كان الغد فليصلها عند وقتها» فمعناه أنه إذا فاتته صلاة فقضاها لا يتغير وقتها ويتحول في المستقبل، بل يبقى كما كان، فإذا كان الغد صلى صلاة الغد في وقتها المعتاد ولا يتحول. وليس معناه أنه يقضي الفائتة مرتين: مرة في الحال، ومرة في الغد، وإنما معناه ما قدمناه.

فهذا هو الصواب في معنى هذا الحديث , وقد اضطربت اقوال العلماء فيه , واختار المحققون ما ذكرتُه والله أعلم انتهى منه.

وهذا الذي فسر به هذه الرواية هو الذي يظهر لنا صوابه والعلم عند الله تعالى. ولكن جاء في سنن أبي داود في بعض طرق حديث أبي قتادة في قصة النوم عن الصلاة المذكورة ما نصه: «فمن أدرك منكم صلاة الغد من غد صالحاً فليقض معها مثلها» اهـ.

وهذا اللفظ صريح في أنه يقضي الفائتة مرتين، ولا يحمل المعنى الذي فسر به النووي وغيره لفظ رواية مسلم ,للعلماء عن هذه الرواية أجوبة، قال ابن حجر في (فتح الباري) بعد أن اشار إلى رواية أبي داود المذكور ما نصه: قال الخطابي: لا أعلم أحداً قال بظاهره وجوباً، قال: ويشبه أن يكون الأمر فيه للاستحباب ليجوز فضيلة الوقت في القضاء. انتهى

ولم يقل أحد من السلف باستحباب ذلك أيضاً بل عدُّوا الحديث غلطاً من روايه ,حكى ذلك الترمذي وغيره عن البخاري. ويؤيده ما رواه النسائي من حديث عمران بن حصين أنهم قالوا: يا رسول الله، ألا نقضيها لوقتها من الغد؟ فقال صلى الله عليه وسلم: «لا ينهاكم الله عن الربا ويأخذه منكم» انتهى كلام صاحب الفتح.

وحديث عمران المذكور قد قدمناه وذكرنا من أخرجه. والعلم عند الله تعالى.

ـ[محمود الشنقيطي]ــــــــ[27 Aug 2009, 03:17 م]ـ

وعند تفسيره لآية (وَيَقُولُ الْإِنْسَانُ أَئِذَا مَا مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيًّا)

قال رحمه الله:

فإن قيل: اين العامل في الظرف الذي هو {إذا}

فالجواب: أنه منصوب بفعل مضمر دل عليه جزاء الشرط؛ وتقديره: أأخرج إذا ما مت أي حين يتمكّن في الموت والهلاك أخرج حياً ,يعني لا يمكن ذلك.

فإن قيل: لم لا تقول بأنه منصوب ب {أخرج} المذكور في قوله {لسوف أخرج حياً} على العادة المعروفة، من أن العامل في {إذا} هو جزاؤها؟

فالجواب: أن لام الابتداء في قوله: {لسوف أخرج حياً} مانعة من عمل ما بعدها فيما قبلها كما هو معلوم في علم العربية , فلا يجوز أن تقول: اليوم لَزيْدٌ قائم؛ تعني لزيد قائم اليوم.

وما زعمه بعضهم من أن حرف التنفيس الذي هو سوف مانع من عمل ما بعده فيما قبله أيضاً، حتى إنه على قراءة طلحة بن مصرف {أئَذا ما مت سأخرج حياً} بدون اللام يمتنع نصب {إذا} ب {أخرج} المذكورة، فهو خلاف التحقيق.

والتحقيق أن حرف التنفيس لا يمنع من عمل ما بعده فيما قبله , ودليله وجوده في كلام العرب؛ كقول الشاعر:

فلَما رأته آمنا هان وجدها ... وقالت أبونا هكذا سوف يفعل

فقوله «هكذا» منصوب بقوله «يفعل» كما أوضحه ابو حيان في البحر , وعليه فعَلى قراءة طلحة بن مصرف فقوله: {إذا} منصوب بقوله {أخرج} لعدم وجود اللام فيها وعدم منع حرف التنفيس من عمل ما بعده فيما قبله.

تنبيه:

فإن قلت: لام الإبتداء الداخلة على المضارع تعطي معنى الحال، فكيف جامَعَت حرف التنفيس الدال على الاستقبال؟

فالجواب: أن اللام هنا جرِّدت من معنى الحال، وأخلصت لمعنى التوكيد فقط. ولذلك جامعت حرف الاستقبال كما بينه الزمخشري في الكشاف، وتعقبه أبو حيان في البحر المحيط بأن من علماء العربية من يمنع أن اللام المذكورة تعطي معنى الحال، وعلى قوله يسقط الإشكال من أصله. والعلم عند الله تعالى.

ـ[ناصر_عزيز]ــــــــ[16 Sep 2009, 02:44 م]ـ

جزاك الله خير

فلقد استفدت من هذ الفوائد كثيرا

فنرجو الإستمرار في بث هذه الفوائد القيمة

وفقك الله لما يحبه ويرضاه

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير