تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وهذا يعني أن مجال الاستدراك بين المفسرين موجود في مجال المعلومات التي تدخل في كتب التفسير، وإن كان يُعتذر لهم بأن الأمر يعود إلى أن هذا هو المنهج الذي أراداه في كتابيهما، ولم يَدَّعِيا أن هذا من مقصود التفسير وصلبه، لكنه هو الموافق لمنهجهم في كتبهم.

ولا أطيل بأكثر من هذا في معنى التفسير في الاصطلاح.

ثانيًا: تعريف الموضوعي:

الموضوعي نسبة إلى الموضوع، وهو من مادة وضع؛ أي: خفض، ضدها: رفع، والموضوع: الشيء الذي وُضِع في مكانٍ ما؛ حسيًا كان أو معنويًّا.

ومن الخفض قول ذو الرمة:

يُقَطِّعُ موضوعَ الحديثِ ابتسامُها** تقطع ماء المزن في نزف الخمر

قال الإمام أبو نصر أحمد بن حاتم الباهلي ـ في شرح ديوان ذي الرمة ـ: ((موضوع الحديث: مخفوضُهُ، يقول: تَحَدَّثُ موضوعًا من الحديث وتبتسم بين ذلك)) شرح الباهلي لديوان ذي الرمة، تحقيق الدكتور عبد القدوس أبو صالح (ص: 952).

ومن الثاني قول الفرزدق:

وأصبح موضوعُ الصَّقيعِ كأَنَّه ** على سروات النِّيبِ قُطنٌ مُندَّفُ

والمراد بالموضوع في عرف العلماءِ معروف، وهو إما أن يطلق على مسألة واحدة وإما على أكثر من مسألة.

والمراد بالموضوعي في اصطلاح أصحاب التفسير الموضوعي إما موضوع من خلال سورة، وإما موضوع من خلال القرآن، مثلاً: (الأخلاق من خلال سورة الحجرات)، أو (الأخلاق من خلال القرآن).

وأما دراسة لفظة من خلال القرآن، فإن كانت دراستها من جهة الدلالة والمعنى المراد بها في القرآن، فإنها لا تدخل في مسمى (الموضوع)، وإن كان المراد دراستها من جهة كونها موضوعًا، فإنها انتقلت من البحث الدلالي إلى البحث الموضوعي.

وإليك هذا المثال:

لو كنت تبحث عن لفظة (الخير) باعتبارها مفردة قرآنية، وتتبعت هذه اللفظة لتعرف معانيها في كلام الله، فأنت تبحث في جميع أماكن ورودها، وتتعرف على معناها في كل سياق، وهذا البحث الدلالي هو عين ما قام به علماء الوجوه والنظائر، وليس هذا من التفسير الموضوعي في شيء بناءً على مصطلح أصحابه، ومن ثمَّ، فإنه لا علاقة لكتب الوجوه والنظائر بالتفسير الموضوعي، وليست هذه الكتب لبنةً من لبناته.

لكن لو كنت تبحث عن موضوع (الخير) في القرآن، فإنك ستتعدى لفظة الخير إلى كل ما يتعلق بالخير، سواءًً أكانت ألفاظًا أم موضوعات، وهذا يدخل في شرط أصحاب التفسير الموضوعي، بل هو الذي ينصرف إليه الذهن إذا قيل: التفسير الموضوعي.

تنبيه:

من عجيب ما وقفت عليه من خلال البحث عن مصطلح (التفسير الموضوعي) عبر محركات البحث في الانترنت = أن الرافضة لهم في ذلك بحوث كثيرة جدًا جدًا، وهي أكثر من بحوث أهل السنة، وقد تساءلت عن سبب اعتنائهم بهذا الأسلوب في تقديم القرآن الكريم؟! ولا زلت أنتظر الجواب.

ثالثًا: التحليلي:

التحليلي نسبة إلى التحليل، والمراد به: تفكيك الكلام على الآية لفظة لفظة، والكلام على ما فيها من معانٍ وإعراب وأحكام وغيرها، ثم الانتقال إلى ما بعدها، وهكذا.وعلى هذا جمهور كتب التفسير، بل يكاد أن يكون غيره بالنسبة إليه لا يذكر من جهة كثرة التأليف.

رابعًا: الإجمالي

الإجمالي نسبة إلى أجمل، وهذه الصيغة (أفعل) بمعنى دخل في الإجمال، فالهمزة في (أجمل) همزة الجعل؛ أي: جعلته مجملاً، والإجمال: الإيجاز، والإيجاز مظنة الإبهام؛ لذا أخذ الأصوليون هذا في مصطلح (المجمل والمبين)، قال الزركشي: ((الْمُجْمَلُ لُغَةً: الْمُبْهَمُ، مِنْ أَجْمَلَ الأَمْرَ أَيْ أَبْهَمَ)).البحر المحيط (4: 344).

وليس هذا هو المراد في مصطلح (التفسير الإجمالي)، وإنما هو مما قال ابن دريد (ت: 321): ((وأجملتُ الشيء إجمالاً إذا جمعته عن تفرّقه، وأكثر ما يُستعمل ذلك في الكلام الموجز، يقال: أجمل فلان الجوابَ)) جمهرة اللغة 1: 245.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير