تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

قال القاضي أبو محمد: وهذا الكلام على كل تأويل فإنما هو بحذف مضاف تقريره أمر ربك، أو بطش ربك، وإلا فالإتيان المفهوم من اللغة مستحيل في حق الله تعالى، ألا ترى أن الله تعالى يقول: "فآتاهم الله من حيث لم يحتسبوا" فهذا إتيان قد وقع على المجاز وحذف المضاف أما ظاهر اللفظ لوقفنا معه يقتضي أنه توعده بالشهير الفظيع من أشراط الساعة دون أن يخص من ذلك شرطا يريد بذلك الإبهار الذي يترك السامع مع أقوى تخيله، لكن لما قال بعد ذلك "يوم يأتي بعض آيات ربك لا ينفع نفس إيمانها" وبينت الآثار الصحاح في البخاري ومسلم أن الآية التي معها هذا الشرط هي طلوع الشمس من المغرب" ()

هنا ينفي صفة الإتيان عن الله تعالى ويؤول الآية بحذف مضاف تقديره أمر ربك أي جاء أمر ربك، ويقول بأن الإتيان مستحيل في حق الله.

ويقول في قوله تعالى "وجاء ربك والملك" () وجاء قدره وسلطانه وقضاؤه () وهنا أيضا يؤول الآية بمجيء السلطان والقضاء.

صفة اليد:

يقول في قوله تعالى» وقالت اليهود يد الله مغلولة غلت أيديهم ولعنوا بما قالوا، بل يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء «()

"وقوله" بل يداه مبسوطتان" العقيدة في هذا المعنى نفي التشبيه عن الله تعالى وأنه ليس بجسم ولا له جارحة ولا يشبه ولا يكيف ولا يتحيز في جهة كالجواهر ولا تحله الحوادث تعالى عما يقول المبطلون.

ثم اختلف العلماء فيما ينبغي أن يعتقد في قوله تعالى "بل يداه" وفي قوله "بيدي [ص75] و"عملت أيدينا [يس71] و "يد الله فوق أيديهم" [الفتح10] و "لتصنع على عيني" [طه39] بأعيننا و"اصبر لحكم ربك فإنك بأعيننا" [الطور48] و"كل شيء هالك إلا وجه" [القصص88]، ونحو هذا، فقال فريق من العلماء منهم الشعبي وابن المسيب وسفيان يؤمن بهذه الأشياء وتقرأ كما نصها لله ولا يعن لتفسيرها ولا يشقق النظر فيها.

قال القاضي أبو محمد: وهذا قول يضطرب لأن القائلين به يجمعون على أنها ليست على ظاهرها في كلام العرب فإن فعلوا هذا فقط نظروا وصار السكوت عن الأمر بعد هذا مما يوهم العوام ويتيه الجهلة، وقال جمهور الأمة: بل تفسر هذه الآية على قوانين اللغة و مجاز الاستعارة وغير ذلك من أفانين الكلام.

فقالوا في العين والأعين إنها عبارة عن العلم والإدراك، كما يقال فلان من فلان بمرأى ومسمع إذا كان يعني بأموره وإن كان غائبا عنه، وقالوا في الوجه إنه

عبارة عن الذات وصفاتها، وقالوا في اليد واليدين والأيدي إنها تأتي مرة بمعنى القدرة كما تقول العرب لا يد لي بكذا، ومرة بمعنى النعمة كما يقال لفلان عند فلان يد، وتكون بمعنى الملك كما يقول لا يد لفلان على أرضه، وهذه المعاني إذا وردت عن الله تبارك وتعالى عبر عنها باليد أو الأيدي أو اليدين استعمالا لفصاحة العرب ولما في ذلك من الإيجاز، وهذا مذهب أبى المعالي والحذاق، وقال قوم من العلماء منهم القاضي ابن الطيب: هذه كلها صفات زائدة على الذات ثابتة لله دون أن يكون في ذلك تشبيه ولا تحديد، وذكر هذا الطبرى وغيره وقال ابن عباس في هذه الآية "يداه" نعمتاه" ثم اختلفت عبارة الناس في تعيين النعمتين فقيل نعمة الدنيا ونعمة الآخرة، وقيل النعمة الظاهرة والنعمة الباطنة، وقيل نعمة المطر ونعمة النبات.

قال القاضي أبو محمد: والظاهر أن قوله تعالى: "بل يداه مبسوطتان" عبارة عن أنعامه على الجملة" ()

ابن عطية هنا يؤول اليد بأنها النعمة، ولم يأخذ الآية على ظاهرها، ولم يذهب مذهب المعتزلة في تأويل آيات الصفات بأنها ذاته تعالى أو على الأصح يعطلونها.

صفة الحياة:

يقول في قوله تعالى:» الله لا إله هو الحي القيوم «()

"والحي صفة من صفات الله تعالى ذاتية، وذكر الطبري، عن قوم أنهم قالوا: الله تعالى حي لا بحياة، وهذا قول المعتزلة، وهو قول مرغوب عنه (…) وقيوم بناء مبالغة أي: هو القائم على كل أمر بما يجب له" ()

ابن عطية يثبت صفة الحياة كما هو الحال عند الأشاعرة و أهل السنة، لكن المعتزلة ينفونها.

صفة الوجه:

يقول في قوله تعالى: «كل شيء هالك إلا وجهه» ()

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير