تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ويقول في قوله تعالى: «إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة ثم يتوبون من قريب فأولئك يتوب عليهم وكان الله عليما حكيما» () والعقيدة أنه لا يجب على الله تعالى شيء عقلا لأن إخباره تعالى عن أشياء أوجبها على نفسه يقتضي وجوب تلك الأشياء سمعا فمن ذلك تخليد الكفار في النار، ومن ذلك قبول إيمان الكافر، والتوبة لا يجب قبولها على الله تعالى عقلا، فأما السمع فظاهره قبول التائب" ()

وهنا نجده يكرر نفس الأمر بأنه لا يجب على الله شيء.

أما المعتزلة فإنهم يقولون: بوجوب الأصلح على الله تعالى، وأن الله تعالى يجب عليه من حيث الحكمة رعاية مصالح العباد.

والأشاعرة يقولون: لا يجب على الله شيء بل الله يفعل ما يشاء.

وأهل الحديث يقولون: لا أحد يوجب على الله شيء، ولكن اقتضت حكمة الله أن لا يفعل شيئا إلا لحكمة، فهو تعالى منزه عن البعث.

نلاحظ أنه هناك فرق بين أهل السنة والأشاعرة، فالأشاعرة نفوا أن يفعل الله شيئا لغاية أو علة وقالوا إن الذي يعلل أفعاله يكون مضطرا، والله غني عن ذلك وبذلك نفوا حكمة الله في أفعاله.

موقف ابن عطية من التحسين والتقبيح:

يقول في قوله تعالى: «إنما يأمركم بالسوء والفحشاء، وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون» (). وأصل الفحشاء: قبح المنظر، كما قال امرؤ القيس:

وجيد كجيد الرئم ليس بفاحش إذ هي نصته ولا بمعطل

ثم استعملت اللفظة فيما استقبح من المعاني، والشرع هو الذي يحسن ويقبح، فكل ما نهت عنه الشرعية فهو من الفحشاء" ().

ابن عطية يقول في هذا بأن الشرع هو الذي يحسن ويقبح

المعتزلة يقولون: العقل هو الذي يحسن ويقبح ويوجب

الأشاعرة: الشرع هو الذي يحسن ويقبح ويوجب، والحسن هو ما حسنه الشرع وجوزه، والقبيح هو ما قبحه الشرع وحرمه.

أما أهل الحديث فيقولون: "إن بعض الأمور يمكن للعقل إدراك حسنها أو قبحها، فإنقاذ الغريق حسن في كل العقول، وكفر النعمة قبيح في كل العقول. أما الثواب والعقاب على ذلك، فإنه لا ثواب ولا عقاب إلا بالشرع، ومن الأمور ما لا يدرك حسنها وقبحها بالعقل مثل حسن الصدق الضار أو قبح الكذب النافع" ()

موقف ابن عطية من حرية الإرادة الإنسانية وأفعال الله:

يقول في قوله تعالى: "فما لكم في المنافقين فئتين والله أركسهم بما كسبوا" () و"بما كسبوا" معناه: مما اجترحوا من الكفر والنفاق، أي أن كفرهم بخلق من الله تعالى واختراع وبتكسب منهم.

"واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله ثم توفي كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون" ()

وفي هذه الآية نص على أن الثواب والعقاب متعلق بكسب الإنسان، وهذا رد على الجبرية.

يقول تعالى: "قلنا اهبطوا منها جميعا فإما يأتيكم مني هدى فمن اتبع هداي فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون" ().

وفي قوله تعالى "مني" إشارة إلى أفعال العباد خلق الله تعالى" (). ابن عطية هنا يقول بما قال به أبو الحسن الأشعري: إن الأفعال هي خلق الله لكن الإنسان يكتسبها.

أما المعتزلة فيقولون: إن العبد هو الذي يخلق أفعال نفسه بقوة أودعها الله فيه. والجبرية يقولون: الإنسان مجبر في كل أفعاله.

وأهل الحديث: يقولون "الله خلق الأشياء كلها وأودع في كل منها خصائصها والتي تنشأ عنها آثاره ولو شاء الله لأوقف هذا الأثر ولم يرتب النتيجة على السبب وهو حال المعجزة، وأما في الأحوال العادية فالنتيجة تنشأ عن السبب ونظرية الكسب عند الأشعري هي أن الله سبحانه فاعل لكل شيء ثم هو سبحانه يخلق للعبد كسبا يقدر به على الفعل، واختلفوا في معنى الكسب، فمنهم من جعله هو العقل والنية، ومنهم من جعله القدرة التي يفعل بها الفعل، فإن قلت لهم: فالله سبحانه يخلق الكسب والعبد يفعل الفعل استقلالا، قالوا: لا إنما الله سبحانه يخلق الكسب ويخلق الفعل، إذ لا تأثير للعبد بوجه ما على الاستقلال ولا على المشاركة إن الأشاعرة بهذا القول لم يضيفوا شيئا إلى قول الجبرية وإن حاولوا جعل الكسب وسطا لإيجاد مخرج من لازم قولهم. وقد خالف عدد من الأشاعرة الأشعري نفسه في هذه القضية، كإمام الحرمين الجويني، فقد جعل للعبد قدرة حقيقية على فعل أفعاله، واقترب بذلك من قول أهل السنة (شفاء العليل لابن القيم ص: 123) ().

موقف ابن عطية من الوعد والوعيد ومرتكب الكبيرة:

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير