تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

إذا لم يكن للمرء عين صحيحة فلا غرو أن يرتاب والصبح مسفروأجاب بعض العلماء بأن قوله: {لا ريب فيه} خبر أريد به الإنشاء. أي لا ترتابوا فيه. وعليه، فلا إشكال.

سورة البقرة

قوله تعالى: {ألم * ذلك الكتاب}

أشار الله تعالى إلى القرآن في هذه الآية إشارة البعيد. وقد أشار له في آيات أخر إشارة القريب كقوله: {إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم}، وكقوله: {إن هذا القرآن يقص على بني إسرائيل} الآية، وكقوله: {وهذا كتاب أنزلناه مبارك}، وكقوله: {نحن نقص عليك أحسن القصص بما أوحينا إليك هذا القرآن}، إلى غير ذلك من الآيات.

وللجمع بين هذه الآيات أوجه:

الوجه الأول: ما حرره بعض علماء البلاغة من أن وجه الإشارة إليه بإشارة الحاضر القريب، أن هذا القرآن قريب حاضر في الأسماع والألسنة والقلوب. ووجه الإشارة إليه بإشارة البعيد، هو بُعد مكانته ومنزلته من مشابهة كلام الخلق، وعما يزعمه الكفار من أنه سحر أو شعر أو كهانة أو أساطير الأولين.

الوجه الثاني: هو ما اختاره ابن جرير الطبري في تفسيره، من أن ذلك إشارة إلى ما تضمنه قوله تعالى: {ألم}، وأنه أشار إليه إشارة البعيد؛ لأن الكلا المشار إليه مُنقضٍ، ومعناه في الحقيقة القريب لقرب انقضائه، وضرب له مثلا بالرجل يحدث الرجل فيقول له مرة: والله إن ذلك لكما قلت، ومرة يقول: والله إن هذا لكما قلت. فإشارة البعيد نظراً إلى أن الكلام مضى وانقضى، وإشارة القريب نظراً إلى قرب انقضائه.

الوجه الثالث: أن العرب ربما أشارت إلى القريب إشارة البعيد، فتكون الآية على أسلوب من أساليب اللغة العربية. ونظيره قول خفاف بن ندبة السلمي، لما قتل مالك بن حرملة الفزاري:

فإن تك خيلي قد أصيب صميمها فعمداً على عيني تيممت مالكا

أقول له والرمح يأطر متنه تأمَّل خفافاَ إنني أنا ذالكا

يعني أنا هذا. وهذا القول الأخير حكاه البخاري عن معمر بن المثنى أبي عبيدة. قاله ابن كثير. وعلى كل حال فعامَّة المفسرين على أن {ذلك الكتاب} بمعنى: هذا الكتاب.

ـ[ميادة بنت كامل الماضي]ــــــــ[22 Jun 2006, 06:30 م]ـ

قوله تعالى: {ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم .. } الآية.

هذه الآية تدل بظاهرها على أنهم مجبورون؛ لأن من خُتم على قلبه وجُعلت الغشاوة على بصره، سُلبت منه القدرة على الإيمان. وقد جاء في آيات أخر ما يدل على أن كفرهم واقع بمشيئتهم وإرادتهم، كقوله تعالى: {فاستحبوا العمى على الهدى}، وكقوله تعالى: {أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى والعذاب بالمغفرة}، وكقوله تعالى: {فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر} الآية، وكقوله تعالى: {ذلك بما قدمت أيديكم} الآية، وكقوله تعالى: {لبئس ما قدمت لهم أنفسهم} الآية.

والجواب: أن الختم والطبع والغشاوة المجعولة على أسماعهم وأبصارهم وقلوبهم، كل ذلك عقاب من الله لهم على مبادرتهم للكفر وتكذيب الرسل باختيارهم ومشيئتهم، فعاقبهم الله بعدم التوفيق جزاء وفاقاً، كما بينه تعالى بقوله: {بل طبع الله عليها بكفرهم}، وقوله: {ونقلب أفئدتهم وأبصارهم كما لم يؤمنوا به أول مرة}، وبقوله: {فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم}، وقوله: {في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا} الآية، وقوله: {بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون}، إلى غير ذلك من الآيات.

ـ[ميادة بنت كامل الماضي]ــــــــ[22 Jun 2006, 08:37 م]ـ

تأملوا وتدبروا بارك الله فيكم قبل أن تقرؤوا

قبل البدء بإتمام ما بدأت من نقل لطائف وفوائد الشيخ الشنقيطي - رحمه الله تعالى- في دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب أود أن أقول لإخوتي وأخواتي الكرام: أرجوكم اقرؤوا بلسان قلبكم، وتأملوا، وتدبروا، ففي هذه الفوائد عبر عظيمة، ووقفات جليلة لا يمكن الاستفادة منها إلا إذا تأملناها مليّا، وأنزلناها على واقعنا وأحوالنا، فيتضح لنا سرّ إعجاز هذا الكتاب المجيد، وسر خلوده، ونستشعر عظمته وبيانه وفصاحته وبلاغته، وإذا بآياته تتنزل على قلوبنا كما أنزلت أول مرة، غضّة، رطبة، ثم إذا بها وقد اهتزَّت ورَبَت وأنبتت خشوعاً وإجلالاً وهيبة لمنزِِّلِ هذا القرآن العظيم جلَّ جلاله وتقدَّست أسماؤه. نفعنا ورفعنا الله تعالى بهذا القرآن أجمعين.

قوله تعالى: {صُمٌّ بُكمٌ عُميٌ} الآية.

هذه الآية يدل ظاهرها على المنافقين لا يسمعون، ولا يتكلمون، ولا يبصرون. وقد جاء في آيات أخر ما يدل على خلاف ذلك، كقوله تعالى: {ولو شاء الله لذهب بسمعهم وأبصارهم}، وقوله: {وإن يقولوا تسمع لقولهم} الآية، أي لفصاحتهم وحلاوة ألسنتهم، وقوله: {فإذا ذهب الخوف سلقوكم بألسنة حداد}، إلى غير ذلك من الآيات.

ووجه الجمع ظاهر، وهو أنهم بكم عن النطق بالحق وإن تكلموا بغيره، صمٌّ عن سماع الحق وإن سمعوا غيره، عُميٌ عن رؤية الحق وإن رأوا غيره.

وقد بين تعالى هذا الجمع بقوله: {وجعلنا لهم سمعاً وأبصاراً وأفئدة فلم تغن عنهم سمعهم ولا أبصارهم ولا أفئدتهم من شيء .. } الآية؛ لأن ما لا يغني شيئاً فهو كالمعدوم، والعرب ربما أطلقت الصمم على السماع الذي لا أثر له، ومنه قول قعنب بن أم صاحب:

صمٌّ إذا سمعوا خيرا ذُكرتَ به

وإن ذُكرتَ بسوء عندهم أذنواوقول الشاعر:

أصمُّ عن الأمر الذي لا أريده

وأسْمعُ خلق الله حين أريدوقول الآخر:

فأصْممتُ عمْراً وأعميتُهُ

عن الجود والفخر يوم الفخاروكذلك الكلام الذي لا فائدة فيه فهو كالعدم. قال هبيرة بن أبي وهب المخزومي:

وإن كلام المرء في غير كنهه

لَكَالنُّبل تهوي ليس فيها نصالُها

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير