ـ[أبو حسن]ــــــــ[22 Jun 2006, 09:45 م]ـ
جزاك الله خيرا
ـ[ميادة بنت كامل الماضي]ــــــــ[23 Jun 2006, 06:31 ص]ـ
قوله تعالى: {أولئك ما يأكلون في بطونهم إلا النار ولا يكلمهم الله يوم القيامة} الآيةهذه الآية تدل بظاهرها على أن الله لا يكلم الكفار يوم القيامة؛ لأن قوله تعالى: {ولا يكلمهم}، فعل في سياق النفي، وقد تقرر في علم الأصول أن الفعل في سياق النفي، من صيغ العموم، وسواء كان الفعل متعديا، لا زماً، على التحقيق، خلافاً للغزالي القائل بعمومه في المتعدي، دون اللازم. وخلاف الإمام أبي حنيفة - رحمه الله تعالى – في ذلك، خلاف في حال، لا في حقيقة؛ لأنه يقول: إن الفعل في سياق النفي ليس صيغة للعموم، ولكنه دل عليه بالالتزام. أي لأنه يدل على نفي الحقيقة، ونفيها يلزمه نفي جميع الأفراد، فقوله: لا أَكَلتُ – مثلاً – ينفي حقيقة الأكل، فيلزمه نفي جميع أفراده.
وإيضاح عموم الفعل في سياق النفي؛ أن الفعل ينحلُّ عن مصدر وزَمَن عند النحويين، وعن مصدر وزمن ونسبة عند البلاغيين، فالمصدر داخل في معناه إجماعاً، فالنفي داخل على الفعل، ينفي المصدر الكامن في الفعل، فيؤول إلى معنى النكرة في سياق النفي.
ومن العجيب أن أبا حنيفة –رحمه الله تعالى – يوافق الجمهور على أن الفعل في سياق النفي إن اُكَّد بمصدر نحو: شربت الماء شربا – مثلاً – أفاد العموم، مع أنه لا يوافق على إفادة النكرة في سياق النفي للعموم.
وقد جاءت آيات أخر تدل على أن الله تعالى يكلم الكفار يوم القيامة، كقوله تعالى: {ربنا أخرجنا منها فإن عدنا فإنا ظالمون* قال اخسئوا فيها ولا تكلمون .. } الآية.
والجواب عن هذا بأمرين: الأول، وهو الحق: أن الكلام الذي نفى الله أنه يكلمهم به، وهو الكلام الذي فيه خير، وأما التوبيخ والتقريع والإهانة، فكلام الله به من جنس عذابه لهم، ولم يقصد بالنفي في قوله: {ولا يكلمهم}.
الثاني: أنه لا يكلمهم أصلاً، وإنما تكلمهم الملائكة بإذنه وأمره.
ـ[ميادة بنت كامل الماضي]ــــــــ[23 Jun 2006, 06:39 ص]ـ
قوله تعالى: {وقاتلوا في سبيل الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا} الآية. هذه الآية تدل بظاهرها على أنهم لم يُؤمروا بقتال الكفار إلا إذا قاتلوهم، وقد جاءت آيات أخر تدل على وجوب قتال الكفار مطلقاً، قاتلوا أم لا، كقوله تعالى: {وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة}، وقوله: {فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وخذوهم واحصروهم واقعدوا لهم كل مقعد}، كقوله تعالى: {تقاتلونهم أو يسلمون}.
والجواب عن هذا بأمور:
الأول، وهو أحسنها وأقربها: أن المراد بقوله: {الذين يقاتلونكم}، تهييج المسلمين وتحريضهم على قتال الكفار، فكأنه يقول لهم: هؤلاء الذين أمرتكم بقتالهم، هم خصومكم وأعداؤكم الذين يقاتلونكم. ويدل لهذا المعنى قوله تعالى: {وقاتلوا المشركين كافة كما يقاتلونكم كافة}، وخير ما يفسر به القرآن: القرآن.
الوجه الثاني: أنها منسوخة بقوله: {فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم}، وهذا من جهة النظر ظاهر حسن جدا. وإيضاح ذلك: أن من حكمة الله البالغة في التشريع، أنه إذا أراد تشريع أمر عظيم على النفوس، ربما يشرعه تدريجاً لتخف صعوبته بالتدريج، فالخمر – مثلاً – لما كان تركها شاقاً على النفوس التي اعتادتها، ذكر أولاً بعض معائبها بقوله: {قل فيهما إثم كبير}. ثم بعد ذلك حرمها في وقت دون وقت، كما دل عليه قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى} الآية.
ثم لما استأنست النفوس بتحريمها في الجملة، حرمها تحريماً باتاً بقوله: {رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون}.
وكذلك الصوم لما كان شاقا على النفوس، شرعه أولاً على سبيل التخيير بينه وبين الإطعام، ثم رغب في الصوم مع التخيير بقوله: {وأن تصوموا خير لكم}، ثم لما استأنست به النفوس، أوجبه إيجاباً حتماً بقوله: {فمن شهد منكم الشهر فليصمه}.
وكذلك القتال على هذا القول، لما كان شاقا على النفوس، أذن فيه أولاً من غير إيجاب، بقوله: {أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا} الآية. ثم أوجب عليهم قتال من قاتلهم دون من لم يقاتلهم، بقوله: {وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم}. ثم لما استأنست نفوسهم بالقتال أوجبه عليهم إيجاباً عاماً، بقوله: {فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وخذوهم واحصروهم واقعدوا لهم كل مقعد} الآية.
الوجه الثالث: - وهو اختيار ابن جرير، ويظهر لي أنه الصواب -: أن الآية محكمة، وأن معناها: (قاتلوا الذين يقاتلونكم) أي مَن شأنُهم أن يقاتلوكم.
أما الكافر الذي ليس من شأنه القتال، كالنساء والذراري والشيوخ الفانية والرهبان وأصحاب الصوامع ومن ألقى إليكم السَّلَم، فلا تعتدوا بقتالهم؛ لأنهم لا يقاتلونكم، ويدل لهذا الأحاديث المصرِّحة بالنهي عن قتل الصبي، وأصحاب الصوامع، والمرأة، والشيخ الهرم إذا لم يستعن برأيه.
أما صاحب الرأي فيقتل، كدريد بن الصمة، وقد فسر هذه الآية بهذا المعنى عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه، وابن عباس، والحسن البصري.
¥