تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وعلى ذلك فقول ابن القيم: (والصحيح أن الآية على عمومها في حق كل كافر) صحيح إن كان يريد به الإكراه على الاعتقاد الباطن، وغير صحيح إن كان يريد به الإكراه على إظهار الإسلام والإذعان له ظاهراً.

والخلاصة أن أهل الكتاب - ومن في حكمهم كالمجوس - لا يكرهون على الإسلام إذا اختاروا البقاء على دينهم، وأدوا الجزية. وأما أهل الحرب من الكفار الوثنيين؛ فالآية وإن كانت تعمهم ([15])؛ لكن قد خص هذا العموم بما ورد من آيات وأحاديث في إكراههم على الدخول في الإسلام ظاهراً، وأما الاعتقاد القلبي فلا يمكن الإكراه عليه.

تنبيهات وفوائد:

التنبيه الأول: نوع الخلاف وثمرته:

الخلاف بين الأقوال السابقة منه ما هو من اختلاف التنوع، ومنه ما هو من اختلاف التضاد.

وثمرة الخلاف: إزالة الإشكال عن معنى الآية، والتوفيق بينها وبين ما يظهر أنه معارض لها من الآيات والأحاديث.

التنبيه الثاني: سبب الخلاف:

الخلاف هنا له أسباب:

منها: اختلاف المفسرين في حكمها من حيث النسخ وعدمه.

ومنها: واختلافهم في عمومها وخصوصها.

والسببان السابقان يرجعان إلى توهم تعارض ظاهرها وعمومها مع آيات أخرى وأحاديث نبوية صحيحة. ([16])

التنبيه الثالث: الذي ينبغي الجزم به في هذا المقام: أنه لا تعارض بين هذه الآية وآيات الجهاد، (فمن ظن من المفسرين أن هذه الآية تنافي آيات الجهاد، فجزم بأنها منسوخة فقوله ضعيف لفظاً ومعنى، كما هو واضح بين لمن تدبر الآية الكريمة.) ([17])

التنبيه الرابع: يظن بعض من لا علم عنده أن إكراه الكفار الوثنيين على الدخول في الإسلام ليس مناسباً، ولا يليق بسماحة هذا الدين. والحق أن هذا الإكراه يعدّ من محاسن هذا الدين العظيمة؛ فإنه جاء بإنقاذ الكفرة من أسباب هلاكهم وذلهم وهوانهم وعذابهم في الدنيا والآخرة، إلى أسباب النجاة والعزة والكرامة والسعادة في الدنيا والآخرة. وهذا هو مقتضى الحكمة والرحمة أن يقاد الناس إلى النجاة والسعادة، ولو بالقوة والإكراه. ([18])

الحواشي السفلية


([1]) هداية الحيارى

([2]) انظر جامع البيان 5/ 407 - 415.

([3]) انظر المحرر الوجيز 2/ 388 - 390.

([4]) انظر التفسير الكبير 7/

([5]) انظر الجامع لأحكام القرآن 3/ 280 - 281.

([6]) انظر قوله في كتاب الناسخ والمنسوخ في كتاب الله U 2/101 وتتمته: (…فلما خبّر أن الآية نزلت في هذا وجب أن يكون أولى الأقوال، وأن تكون الآية مخصوصة نزلت في هذا. وحكم أهل الكتاب حكمهم.)

([7]) قال أبو داود: والمِقلاتُ التي لا يعيش لها ولدٌ. انظر سنن أبي داود ص302.

([8]) أخرجه أبو داود في سننه – كتاب الجهاد – باب في الأسير يكره على الإسلام – رقم 2682، وابن جرير في تفسيره 5/ 407 - 408. وهو صحيح كما في التفسير الصحيح للدكتور حكمت بن بشير 1/ 369.

([9]) انظر البحر المحيط 2/ 615 - 616.

([10]) انظر تفسير القرآن العظيم 2/ 627 - 628.

([11]) انظر التحرير والتنوير 3/ 26 - 28.

([12]) أخرجه البخاري في صحيحه – كتاب الجهاد والسير – باب دعاء النبي r الناس إلى الإسلام والنبوة – رقم 2946، ومسلم في صحيحه – كتاب الإيمان – رقم 21، كلاهما من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

([13]) أحكام القرآن للجصاص 1/ 548 - 549.

([14]) أحكام القرآن 1/ 310 - 311.

([15]) لأن النكرة في سياق النفي، وتعريف الدين يفيدان ذلك، والاعتبار بعموم اللفظ لا بخصوص السبب. انظر فتح القدير للشوكاني 1/ 410.

([16]) انظر كتاب: دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب للشنقيطي ص44 - 46.

([17]) تيسير الكريم الرحمن لابن سعدي ص112. وانظر تقريراً حسناً وتفصيلاً قيماً لهذا التنبيه في كتاب: قواعد التدبر الأمثل لكتاب الله U لعبدالرحمن حبنكه الميداني ص144 - 147.

([18]) انظر مجموع فتاوي ومقالات الشيخ عبدالعزيز بن باز 8/ 288 - 289.

ـ[أبو عبد الله محمد مصطفى]ــــــــ[03 Jul 2006, 08:31 م]ـ
¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير