وفي قوله: {فَمِنْ نَفْسِكَ} من الفوائد: أن العبد لا يطمئن إلى نفسه ولا يسكن إليها، فإن الشر كامن فيها، لا يجيء إلا منها، ولا يشتغل بملام الناس ولا ذمهم إذا أساؤوا إليه، فإن ذلك من السيئات التي أصابته، وهي إنما أصابته بذنوبه، فيرجع إلى الذنوب، ويستعيذ بالله من شر نفسه وسيئات عمله، ويسأل الله أن يعينه على طاعته. فبذلك يحصل له كل خير، ويندفع عنه كل شر؛ ولهذا كان أنفع الدعاء وأعظمه وأحكمه دعاء الفاتحة: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ} [240]. فإنه إذا هداه هذا الصراط أعانه على طاعته وترك معصيته، فلم يصبه شر، لا في الدنيا ولا في الآخرة [241].
... قوله تعالى: {فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً} [242] أي على القاعدين من أولي الضرر [243]، بدليل قول الله تعالى: {وَكُلاَّ وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى} [244].
... قوله تعالى: {وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ} [245] ... المراد هو، أو من يقوم مقامه، كما في قوله تعالى [246]: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا} [247].
... في المسند أنه لما نزل قوله تعالى: {مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ} [248] قال أبو بكر يا رسول الله نزلت قاصمة الظهر، وأيُّنا لم يعمل سوءاً؟. فقال "يا أبا بكر، ألست تنصب؟ ألست تحزن؟ ألست يصيبك اللأواء؟ فذلك ما تجزون به" [249].
قال تعالى: {وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً} [250] ... الخلة كمال المحبة [251]، وأنكرت الجهمية [252] حقيقة المحبة من الجانبين، زعماً منهم أن المحبة لا تكون إلا لمناسبة بين المحب والمحبوب، وأنه لا مناسبة بين القديم والمُحْدَث توجب المحبة [253].
قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ} [254] ... شهادة المرء على نفسه هي إقراره بالشيء [255] ... ليس إلا، وليس المراد أن يقول: أشهد على نفسي بكذا، بل من أقر بشيء فقد شهد على نفسه به [256].
تابع بقية البحث ...
ـ[أسد الصمد]ــــــــ[19 Jul 2006, 04:35 م]ـ
الهوامش والتعليقات على الجزء الأول من البحث
[1] سورة آل عمران، الآية: 102.
[2] سورة النساء، الآية: 1.
[3] سورة الأحزاب، الآية: 70، 71.
[4] من الأمثلة على هذا تحقيقات وكتابات الدكتور عدنان زرزور حول تراث المعتزلة التفسيري.
[5] سورة البقرة، الآية: 251.
[6] ورد في عدد من مخطوطات كتب المؤلف (ابن العز) وكذلك في كشف الظنون (2/ 1143)، وهدية العارفين (1/ 726) وورد في بعض المواضع من إنباء الغ مر (3/ 50)، أن اسم المؤلف محمد، وتابع ابن العماد الحنبلي في شذرات الذهب (6/ 326) هذا الموضع من ِإنباء الغمر، والصحيح (علي) كما في جميع المراجع الأخرى، وكما هو مدون على مخطوطات كتبه.
[7] هكذا ذكر نسب أبيه ابن قاضي شهبة في تاريخه (2/ 469) وأشار أيضاً إلى اسم المؤلف ولقبه بقوله: "ولده صدر الدين علي" (2/ 470).
[8] انظر المرجع السابق (2/ 470)، والثغر البسام، ص (201).
[9] انظر الدليل الشافي (1/ 465).
[10] انظر الدرر الكامنة (3/ 159)، والدليل الشافي (1/ 465).
[11] انظر الدليل الشافي (1/ 465).
[12] انظر تاريخ ابن قاضي شهبة (2/ 415) فقد أشار إلى أن أباه وجده من القضاة.
[13] انظر مقدمة شرح العقيدة الطحاوية، ص (67، 68).
[14] انظر تاريخ ابن قاضي شهبة (3/ 481، 360).
[15] انظر مقدمة شرح العقيدة الطحاوية، ص (68).
[16] انظر تاريخ ابن قاضي شهبة (2/ 503، 504) و (3/ 148).
[17] انظر مقدمة شرح العقيدة الطحاوية، ص (7، 73) للأستاذين التركي والأرنؤوط.
[18] انظر المرجع السابق، ص (73) وانظر من هذا البحث آخر سورة التوبة، الآية (124).
[19] انظر مقدمة شرح العقيدة الطحاوية، ص (73).
[20] انظر من هذا البحث الحواشي، عند الآية (18) من سورة آل عمران، والآية (172) من سورة الأعراف.
[21] انظر منه، ص (355) تحقيق أنور.
[22] انظر تاج التراجم، ص (89)، والفوائد البهية، ص (10)، والطبقات السنية (1/ 213).
[23] انظر الضوء اللامع (3/ 249 - 253)، ووجيز الكلام (1/ 296).
¥