ـ[محمود الشنقيطي]ــــــــ[25 Jul 2006, 08:03 م]ـ
في الآية كما أشار السائل رد على المعتزلة في مسألةٍ تسمى عندهم (الإيمان الضروري) , وهو الكائن بعد معاينة الآيات والمعجزات , فهم أخذوا بظاهر هذه الآية وهو حق ثم عمَّموا ذلك على جميع الآيات وهذا محل الخلاف ,فهم يعتقدون أن من آمن بعد معاينة الآيات لا يستحق الجزاء بالجنة على إيمانه ,وهذا غير صحيح لأن إطلاق منع قبول الإيمان بعد مشاهدة الآيات في كل زمان يتنافى وإسلام من أسلم بعد انشقاق البحر والقمر ونبع الماء وتكثير الطعام وإحياء الموتى.
وقيل للمعتزلة أنه لا يجوز لهم التساؤل كيف يقبل الله إيمان قوم بعد مشاهدة الايات مثل قوم يونس , ولا يقبله من آخرين كفرعون ومن تقوم عليهم الساعة , لأن الله تعالى لا يُسأل عما يفعل فيقبل الإيمان ممن شاء ويرده على من شاء سبحانه وتعالى وتقدس.
وقد قرأت كلاما قبل فترة لابن حزم رحمه الله يتعلق بهذه المسألة واستدلالهم بنفس الآية ولعله يتيسر لي نقله لتعم الفائدة والله تعالى أعلم
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[25 Jul 2006, 10:05 م]ـ
جزاك الله خيراً يا شيخ محمود على هذه الفائدة، فلم أطلع على هذه المسألة إلا الآن منك بارك الله فيك، ولا حرمنا فوائدكم، وليتك تزيدنا بياناً حول هذه المسألة. وجزى الله أخانا ابن ماجد خيراً على إثارته لهذه المسألة ابتداءً.
ـ[محمود الشنقيطي]ــــــــ[26 Jul 2006, 06:38 م]ـ
وفيك بارك الله يا دكتور/ عبد الرحمن.
أما الكلام الذي أردت نقله فقد تأخرت عن إضافته بسبب عدم توفرالكتاب حيث بحثت عنه في عدة مكتبات في الرياض ولم أجده , وأنا مررت بهذا الكلام في مكتبة الحرم النبوي منذ زمن, ثم تيسر لي الحصول عليه وسأنقل ما يخص مسألتنا بنصه والله المعين.
قال الإمام ابن حزم رحمنا الله تعالى وإياه في كتابه (الفصل في الملل والنحل) في باب سماه (الكلام في هل شاء الله عز وجل كون الكفر والفسق , وأراده من الكافر والفاسق أم لم يشأه ذلك ولا أراد كونه)
{قال أبو محمد: تباً لمن عارض أمر ربه تعالى واحتج عليه بل لله الحجة البالغة ولوشاء لأطعم من ألزمَنَا إطعامه , ولو شاء لهدى الكافرين فآمنوا ولكنه تعالى لم يرد ذلك , بل أراد أن يعذب من لا يطعم المسكين ومن أضله من الكافرين , لا يسأل عما يفعل وهم يسئلون وحسبنا الله ونعم الوكيل , وقالت المعتزلة: معنى قوله تعالى {ولوشاء الله لجمعهم على الهدى} و {لآمن من في الأرض} وسائر الآيات التي تلوتهم: إنما لو شاء الله لاضطرهم إلى الإيمان فآمنوا مضطرين فكانوا لا يستحقون الجزاء بالجنة.
قال أبو محمد: وهذا تأويل جمعوا فيه بلايا جمة, أولها: أنه قول بلا برهان ودعوى بلا دليل وما كان هكذا فهو ساقط , ويقال لهم: ما صفة الإيمان الضروري الذي لا يُستَحق عليه الثواب عندكم؟ وما صفة الإيمان غير الضروري الذي الذي يُستَحق به الثواب عندكم؟
فإنهم لا يقدرون على فرق أصلاً , إلا أن يقولوا هو مثل ما قال الله عزوجل إذ يقول تعالى {يوم يأتي بعض آيات ربك لا ينفع نفساً إيمانها ..... } ومثل قوله {قل يوم الفتح لا ينفع الذين كفروا إيمانهم ولا هم يُنظَرون} ومثل حالة المحتضر عند المعاينة التي لا يقبل فيها إيمانه وكما قيل لفرعون {آلآن وقد عصيت قبلُ}.
قال أبو محمد: فيقال لهم: كل هذه الآيات حق , وقد شاهدت الملائكة الآيات وتلك الأحوال ولم يبطل بذلك قبول إيمانهم.
فهلاَّ على أصولكم صار إيمانهم إيمان اضطرار لا يستحقون عليه جزاءاً في الجنة؟
أم صار جزاؤهم عليه أفضل من جزاء كل مؤمن دونهم؟ وهذا لا مخلص لهم منه أصلاً.
ثم نقول لهم: أخبرونا عن إيمان المؤمنين إذا صح عندهم صدق النبي بمشاهدة المعجزات من شق القمر وإطعام النفر الكثير من الطعام اليسير ونبعان الماء الغزير من بين الأصابع وشق البحر وإحياء الموتى , وأوضح كل ذلك بنقل التواترالذي به صح ما كان قبلنا من الوقائع والملوك وغير ذلك مما يصير فيه من بلغه كمن شاهده ولافرق في صحة اليقين لكونه هل إيمانهم إلا إيمان يقين قد صح عندهم وأنه حق لم يتخالجهم فيه شك فإن علمهم به كعلمهم أن ثلاثة أكثر من اثنين, وكعلمهم ما شاهدوه بحوسهم في أنه كله حق وعلموه ضرورة أم إيمانهم ذلك ليس يقينا مقطوعا بصحة ما آمنوا به عنده كقطعهم على صحة ما علموه بحواسهم؟ ولا سبيل
¥