تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

إلى قسم ثالث.

فإن قالوا: بل هو الآن يقين قد صح علمهم بأنه حق لامدخل للشك فيه عندهم كتيقنهم صحة ما علموه بمشاهدة حواسهم , قلنا لهم: نعم هذا هو الإيمان الاضطراري بعينه , وإلا ففرقوا هذا الذي موهتم بأنه لا يُستَحق عليه من الجزاء كالذي يستحق على غيره , وبكل تمويهكم بحمد الله تعالى إذ قلتم إن معنى قوله تعالى {لجمهم على الهدى} و {لآمن من في الأرض} انه كان يضطرهم إلى الإيمان فإن قالوا: بل ليس إيمان المؤمنين هكذا ولا علمهم بصحة التوحيد والنبوة على يقين وضرورة. قيل لهم: قد أوجبتم أن المؤمنين على شك في إيمانهم وعلى عدم يقين في اعتقادهم ,وليس هذا إيمانا بل كفر مجرد ممن كان دينه هكذا ,فإن كان هذا صفة إيمان المعتزلة فهم أعلم بأنفسهم , وأما نحن فإيماننا ولله الحمد إيمان ضروري لا مدخل للشك فيه كعلمن أن ثلاثة أكثر من اثنين ,وإن كان بناءاً فمبني , وكل من أتى بمعجزة فمُحِقٌّ في نبوته ولا نبالي إن كان ابتداء علمنا استدلالاً أم مدركا بالحواس إذا كانت نتيجة كل ذلك سواء في صحة الشيء المعتقد وبالله تعالى التوفيق.

ثم نسألهم عن الذين يرون بعض آيات ربنا يوم لا ينفع نفسا إيمانها , أكان الله تعالى قادراً على أن ينفعهم بذلك الإيمان ويجزيهم عليه جزائه لسائر المؤمنين أم هو تعاى غير قادرٍ على ذلك؟؟

فإن قالوا: بل هو قادرٌ على ذلك رجعوا إلى الحق والتسليم لله عز وجل ,وأنه تعالى منع من شاء وأعطى من شاء , وأنه تعالى أبطل إيمان من آمن به عند رؤية بعض آياته , ولم يبطل إيمان من آمن به عند رؤية آية أخرى ,وكلها سواءٌ في باب الإعجاز.

وهذا هو المحاباة المحضة والجور البين عند المعتزلة , فإن عجزوا ربهم تعالى عن ذلك أحالوا وكفروا وجعلوه تعالى مضطراً مطبوعاً محكوماً عليه تعالى الله عن ذلك.

قال أبو محمد: وقد قال عز وجل {إلا قوم يونس لما آمنوا كشفنا عنهم عذاب الخزي في الحياة الدنيا ومتعناهم إلى حين} فهؤلاء قوم يونس لما رأوا العذاب آمنوا فقبل الله عز وجل إيمانهم , وآمن فرعون وسائر الأمم المعذبة لما رأوا العذاب فلم يقبل الله عز وجل منهم , ففعلَ اللهُ تعالى ما شاء لا معقب لحكمه, فظهر فساد قولهم في أن الإيمان الاضطراري لا يستَحَق عليه جزاءٌ جملةً , وصحَّ أن الله تعالى يقبل إيمان من شاء ولا يقبل إيمان من شاء ,ولا مزيد .. } 3/ 88 - 89

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير