ـ[خالد الباتلي]ــــــــ[27 Jul 2006, 12:47 ص]ـ
أشكرك أخي أبا عبد الملك على هذه التحف الطيبة، ولا أخفيك أنني مسرور بهذا النقاش رغم انشغالي لما أجده من فوائد، لا سيما إذا كان النقاش مع أمثالكم وفقكم الله.
ويبدو أننا خرجنا عن تخريج موقف ابن عباس إلى تخريج موقف المعاصرين لكن لابأس فالموضوعان يشتركان في رواية أخبار بني إسرائيل.
وموضوع الإسرائيليات يكتنفه جانبان: جانب تأصيلي، وجانب تطبيقي.
فأما التأصيلي فكما ذكرت في النقاط الأخيرة، ولعلي أراجع ما أحلت إليه في شرحكم لمقدمة شيخ الإسلام قريبا إن شاء الله، ولا أدري هل خلت أقسام التفسير في جامعاتنا من مثل هذه الدراسات؟!
وأما الجانب التطبيقي – وهو الذي أعنيه هنا- فلا بد من التفريق بين مسألتين:
1. نقد المتقدمين بذكرهم الإسرائيليات في كتبهم، وهذا ما لا يوافق عليه بل قد بلغني عن أحدهم أنه خرج في إحدى القنوات الفضائية وقدح في الطبري لأجل ذلك وقال فيه كلام قاسيا عفا الله عنه.
2. ذكر الإسرائيليات في التفاسير في هذا العصر سواء التفاسير الكتابية أو الشفهية للعموم، وهذا بيت القصيد، وما أشرت إليه من المنهج النبوي في التعامل معها غير داخل هنا لأنه صار سنة نبوية تقريرية في مثل حديث الحبر، ولاننظر إليه على أنه من أخبار بني إسرائيل.
ولعلي أزيد الأمر إيضاحا فأقول: هب أن جهة ما أرادت أن تعمل تفسيرا لعموم المسلمين وكان منهجها الذي رسمته: أن تذكر المقطع من الآيات ثم تذكر المعنى العام للآيات ثم تذكر ما يتعلق بها من الإسرائيليات اقتداء بأئمتنا السالفين كالطبري وغيره، ولما فيها من التشويق والجذب للقراءة، فما رأيكم في هذا؟
ومن هنا يأتي الاعتذار عن موقف بعض المعاصرين في هذه النقطة بالذات، لأن مكمن الرهبة والخوف في أن تساق الإسرائيليات مع الحديث النبوي وأقوال الصحابة والتابعين في مساق واحد لمن لا يميز، لاسيما وحالها كما قال ابن كثير في تفسيره 6/ 284:"ثم ليعلم أن أكثر ما يُحدّثون به غالبُه كذب وبهتان؛ لأنه قد دخله تحريف وتبديل وتغيير وتأويل، وما أقل الصدق فيه، ثم ما أقل فائدة كثير منه لو كان صحيحا"
أخي الحبيب .. أظن أننا متفقين إلى حد كبير في هذه المسألة، لكن أجدني متشجعا لطرقها لما لمسته من غبش في تصور المسألة أو في تطبيقها، ولا أزال أنتظر المزيد من المفيد.
وفقنا الله وإياكم للهدى والصواب
? حاشية:
ليتك تسمي بعض المعاصرين الذين يتبنون هذا الرأي لتعم الفائدة، ولم أفهم كيف عددتهم معاصرين وقد وجدوا قبل تقنيات الطباعة والتصوير؟
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[27 Jul 2006, 04:59 م]ـ
أخي خالد:
لم أرد أنهم قبل الطباعة والتصوير،، وإنما نصصت على الأنترنت ويدخل معه البرامج المدمجة، وظهورهذه وانتشارها ـ كما تعلم ـ قريب.
وضابط المعاصرة فيه مطاطية كما تعلم، لكن أذكر لك كتابين سارا على منهج الرفض للإسرائيليات، ونقد المفسرين الذين ذكروها، وهما مشهوران في هذا الباب:
الأول: الإسرائيليات في التفسير والحديث للكتور محمد حسين الذهبي رحمه الله.
الثاني: الإسرائيليات والموضوعات في كتب التفسير للدكتور محمد بن محمد أبو شهبة رحمه الله.
وهناك مشروعات طُرحت باسم (الدخيل في كتب التفسير)، وأغلبها قائم على نقد الإسرائيليات ونقد المفسرين الذين نقلوها.
وقد طالب بعضهم بإعادة طباعة تفسير ابن كثير وغيره بعد حذف هذه الإسرائيليات منه.
وللحديث بقية.
ـ[الجكني]ــــــــ[27 Jul 2006, 05:29 م]ـ
أتمنى تسليط الضوء على هذه النقطة الأخيرة وهي مطالبة "بعضهم "حذف الإسرائيليات من تفسير ابن كثير وغيره،أهذا من الأمانة العلمية؟ ومن له الحق في ذلك أصلاً؟
كتب العلماء تبقى كما هي وكما كتبوها،وهم ما كتبوها إلا ابتغاء الأجر من الله تعالى،وباب النقد والتصحيح مفتوح لمن هو أهل 0
ـ[خالد الباتلي]ــــــــ[05 Sep 2006, 10:40 م]ـ
فائدة:
أفاد فضيلة الدكتور محمد الخضيري في دراسته المتميزة (تفسير التابعين) - 2/ 883 - أن روايات ابن عباس رضي الله عنهما عن بني إسرائيل قاربت 350 رواية.
أقول: وهذا رقم كبير.
تنبيه:
بمناسبة ذكر الكتاب فقد وقفت فيه على وهم لطيف للشيخ وقد قعت فيه أيضا في جمع التفسير المرفوع لكن وفق الله فتداركته، وذلك أن الدكتور الخضيري وفقه الله ذكر في تقرير منزلة السنة في كونها مصدرا للتفسير عند التابعين حديث ابن عباس قال: {لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ} حَالًا بَعْدَ حَال، ٍ قَالَ هَذَا نَبِيُّكُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. أخرجه البخاري (4940)
وقد قال الشيخ: "ولما وردت الرواية عنه صلى الله عليه وسلم عند تفسير قوله تعالى ... " فذكر الآية والحديث.
ففهم أن التفسير من مقول النبي صلى الله عليه وسلم من رواية ابن عباس، وهكذا فهمت وحينما رجعت إلى الدر وجدته عزاه إلى البخاري فقط، فتعجبت من حديث مرفوع خرجه البخاري ولم يشاركه غيره، فرجعت إلى الشرح فوجدت ابن حجر قال في الفتح: "هو على قراءة فتح الموحدة وبها قرأ ابن كثير والأعمش والأخوان. وقد أخرج الطبري الحديث المذكور عن يعقوب بن إبراهيم عن هشيم بلفظ " إن ابن عباس كان يقرأ (لتركبن طبقا عن طبق) يعني نبيكم حالا بعد حال ".
فاتضح الأمر وتكون (نبيكم) في الرواية خبرا وليست فاعلا، والمبتدأ اسم الإشارة، والله أعلم.