تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ـ[روضة]ــــــــ[11 Aug 2006, 12:18 ص]ـ

وًصلت هذه الآية بما قبلها، وللوصل ما يسوّغه ويقتضيه، فالسياق سياق أوامر ونواهٍ، وقوله: (من النساء) تتميم، جيء به زيادةً في البيان، و (قد) في قوله: (إلا ما قد سلف) للتأكيد، وتحقيق معنى المضي.

وفي إيثار (الأب) مفرد (آباء) على (الوالد) دقة عجيبة؛ فبينهما فروق لطيفة، "الأب: الوالد، ويسمّى كلُّ من كان سبباً في إيجاد شيء، أو صلاحه، أو ظهوره أباً" (1) ( http://tafsir.org/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=25914#_ftn1)، ولفظ (الأب) لفظ عام يشمل الأب المباشر والجدّ وإنْ علا، قال تعالى: (ملة أبيكم إبراهيم هو سماكم المسلمين) [الحج:78]، أما الوالد فأصل (و ل د) يدل على "النجل والنسل .. وتولَّد الشيءُ عن الشيء: حَصَلَ عنه" (2) ( http://tafsir.org/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=25914#_ftn2)، فالوالد الأب المباشر خاصة، ولم يرد لفظ (الوالد) في القرآن الكريم بمعنى الجدّ (3) ( http://tafsir.org/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=25914#_ftn3)، وبناء على ما ذُكر فلفظة (آباؤكم) جاءت للدلالة على أن التحريم لا يقف عند زوجة الأب المباشر، وإنما يتناول زوجات الأجداد وإنْ علوا.

ثم أخبر عن نكاح حلائل الآباء بأنه فاحشة ومقتاً، مؤكِّداً الخبر بحرف (إنّ) مع ما له من رونقٍ وحُسنٍ وجمالِ إيقاع: (إنه كان فاحشة ومقتاً وساء سبيلاً)، والفصلُ لأن الجملة تعليل للنهي السابق في قوله: (ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم).

ولمجيء (كان) هنا غاية تتصل بالمعنى، وليس زائداً، قال أبو حيان: " (كان) يستعمل كثيراً بمعنى (لم يزل)، فالمعنى أن ذلك لم يزل فاحشة، بل هو متصف بالفُحش في الماضي والحال والمستقبل، فالفحش وصف لازم له، وقال المبرِّد: هي زائدة، ورُدَّ عليه بوجود الخبر، إذ الزائدة لا خبر لها، وينبغي أن يُتأول كلامه على أن (كان) لا يُراد بها تقييد الخبر بالزمن الماضي فقط، فجَعَلها زائدة بهذا الاعتبار" (4) ( http://tafsir.org/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=25914#_ftn4).

وزيادة في التنفير من هذا الأمر جاء بلفظتي (فاحشة) و (مقتاً) نكرتين؛ للتهويل، مع ما فيهما من معنى التناهي في الفحش والبغض، فالفاحشة "ما عَظُمَ قبحه من الأفعال والأقوال" (5) ( http://tafsir.org/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=25914#_ftn5)، والمقت أشدّ من البغض، فهو بغض مقرون باستحقار، فهو أخصّ منه (6) ( http://tafsir.org/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=25914#_ftn6)، كما أن (مقتاً) مصدر، فكأنه المقت نفسه، وهذا أبلغ من صيغة المفعول.

يتبع ....

************************

(1) ( http://tafsir.org/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=25914#_ftnref1) المفردات، الراغب الأصفهاني، مادة (أبا).

(2) ( http://tafsir.org/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=25914#_ftnref2) معجم مقاييس اللغة، ابن فارس، مادة (ولد).

(3) ( http://tafsir.org/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=25914#_ftnref3) ينظر: الترادف في القرآن الكريم، محمد المنجد، ص (140 - 144).

(4) ( http://tafsir.org/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=25914#_ftnref4) البحر المحيط، أبو حيان، (577،576:3).

(5) ( http://tafsir.org/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=25914#_ftnref5) المفردات، مادة (فحش).

(6) ( http://tafsir.org/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=25914#_ftnref6) ينظر: عمدة الحفاظ، السمين الحلبي، مادة (مقت).

ـ[روضة]ــــــــ[11 Aug 2006, 01:20 م]ـ

"في (ساء) قولان:

أحدهما: أنها جارية مجرى (بئس) في الذمّ والعمل، ففيها ضميرٌ مبهمٌ يفسره ما بعده، وهو (سبيلاً)، والمخصوص بالذمّ محذوف تقديره: (وساء سبيلاً سبيلُ هذا النكاح) كقوله: (بئس الشراب)، أي: ذلك الماء" (1) ( http://tafsir.org/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=25922#_ftn1). وقال الشهاب: "وذُمُّ الطريق مبالغةٌ في ذمّ سالكها وكناية عنه" (2) ( http://tafsir.org/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=25922#_ftn2).

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير