تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

3 - هناك كتاب آخر يعتبر من المحاولات السابقة لتفسير "في ظلال القرآن" على الشكل الذي يوجد عليه اليوم، وهو " خصائص التصور الإسلامي ومقوماته"، الذي حاول فيه استخلاص العقيدة الإسلامية من القرآن الكريم، بعيدا عن تعقيدات المتكلمين والفلاسفة. وقد اكتشف فيه وحدة وشمولية المفاهيم والمبادئ الإسلامية.

ويتوج سيد قطب رحمه الله أعماله التفسيرية بتفسيره " في ظلال القرآن" والذي أنجزه على أربعة مراحل:

1. عندما صدرت مجلة "المسلمون" سنة 1950 كتب فيها سيد قطب رحمه الله موضوعا تابثا تحت عنوان " في ظلال القرآن" وقد لقي قبولا واستحسانا من طرف القراء مما جعل إحدى المكتبات القاهرية وهي " دار إحياء الكتب العربية" تسعى لشراء حق طبع ونشر تفسير سيد قطب، واشترطت عليه أن يقدم لها جزءا من تفسيره كل شهر وقد دفع لها حتى غاية شهر يناير 1954 ثمانية أجزاء.

2. بعد أن اعتقل سيد قطب رحمه الله على يد قادة النظام الجديد سنة 1954 استمر في الكتابة والتأليف، وقد كانت حصيلة المدة التي قضاها بالسجن ثلاثة أجزاء من تفسيره " في ظلال القرآن"، وذلك رغم صنوف التعذيب التي كان يلاقيها. وقد أنعم الله عليه بذلكم الابتلاء. فجاء تفسيره للذكر الحكيم تفسير رجل ذاق الإيمان، واثق بعدل ربه، صابر على ابتلائه، شاكر لفضله وإحسانه. وقد مكنته تجربة المعتقل من إجادة تفسير الآيات التي تتحدث عن طغيان، واستعلاء، وتعنت الجبابرة، وعن صبر الأتقياء، وتحملهم لصنوف العذاب، واحتساب ذلك عند الله تعالى، ويوضح لنا الأستاذ يوسف العظم في كتابه عن سيد قطب رحمه الله الأثر البليغ لسجنه وتعذيبه على تفسيره حيث يقول: «الحقيقة التي يعرفها المقربون من الشهيد، المحبون لفكره، الأوفياء لذكراه، أن الرجل كان قد كتب معتمدا على ثقافة حصل عليها من قبل في بطون الكتب، وصدور الرجال فلما عاش بالتجربة الحقة مع القرآن، وذاق المعاناة التي أنارت له طريق أصحاب الدعوات، كان إلى القرآن أقرب، وبه ألصق، فأعاد الكتابة، وراجع الصفحات ليكون الكتاب من جديد متكاملا، يقدمه قلم ممتحن، وقلب مصهور في بوتقة العذاب والصبر على البلاء، فجاء "في ظلال القرآن" منهاجا حركيا، وتجربة حياة، وملحمة من ملاحم الفداء والبلاء، والثبات والتضحيات».

3. أعاد سيد قطب رحمه الله تنقيح ما كتبه من أجزاء تفسيره " في طلال القرآن" وذلك بعد أن أفرج عنه سنة 1964، ذلك أنه لما كان معتقلا كانت مصادره التفسيرية قليلة بل قد نقول نادرة، مما جعل عمليه التنقيح أمرا ضروريا ليستكمل التفسير بعده العلمي والمنهجي، وإن كانت الخطوط المنهجية العريضة لتفسير " في ظلال القرآن " لم يطرأ عليها أي تغيير يذكر لأنها كانت مستوحاة من القرآن الكريم نفسه، ومن ثم لم يكن في المصادر والمراجع التي رجع سيد عند قيامه بتنقيح تفسيره، ما يحمله على ذلك.

4. بعد ان ألقي القبض عليه مرة ثانية (1965) منع من إتمام تفسيره، مما جعل الشركة التي تعاقد معها سيد رحمه الله على طبع ونشر تفسيره، تقاضى النظام الجديد. ولما كان هذا الأخير لم يحكم قبضته بعد على البلاد والعباد، فإننا نجده يرضخ لحكم المحكمة، ويسمح لسيد قطب بالاستمرار في كتابة تفسيره للقرآن الكريم، وذلك شريطة أن تراجع كتاباته قبل نشرها من قبل لجنة أعدت لذلك الغرض. وكان مما حذفته اللجنة المذكورة، مقدمة سورة الفجر، ومقدمة سورة البروج التي ضمنها المؤلف كتابه "معالم في الطريق" بعنوان "هذا هو الطريق".

والملاحظ أن هناك نوعا من التكامل بين " في ظلال القرآن" و"معالم في الطريق"، ذلك أن ما فات الكاتب في الأول استدركه في الثاني، والذي أراد منه أن يكون منهاجا لفكر حركي منظم مستخلص من كتاب الله الذي اعتنى بتفسيره، وبسنة الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ التي اهتدى بهديها، واستعان بها في تفسيره لآي الذكر الحكيم.

مما سبق نخلص إلى أن تفسير القرآن عند سيد قطب مر بمراحل ثلاث وهي:

المرحلة الأولى:

ويمكننا أن نسميها "بالأداة" وهي تتمثل في كتابيه "التصوير الفني في القرآن" الذي اكتشف فيه القاعدة الأساسية للتعبير في القرآن الكريم وهي " التصوير الفني"، أما الكتاب الثاني فهو "مشاهد القيامة في القرآن" والذي طبق فيه النظرية التي توصل إليها في كتابه الأول.

المرحلة الثانية:

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير