وإني إذ أسمع الطعن في سيد قطب رحمه الله لا أستغرب ذلك لقوله الله تعالى: ? وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا ? فكل من معه نور من النبوة أيضا له أعداء من أهل الباطل بقدر ما معه من ميراث نبينا محمد عليه الصلاة والسلام، فما يضير سيدا طعن الطاعنين، بل هو رفعة له وزيادة في حسناته، ولكن الذي يثير الاستغراب هو فعل أولئك القوم الذين يدّعون اتباع الحق ومع ذلك ينقصون الميزان ولا يزنون بالقسطاس المستقيم والله يقول: ? ويل للمطففين الذين إذا اكتالوا على الناس يستوفون وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون ? , فأولئك إذا أرادوا مدح أحد عليه من المآخذ ما يفوق سيدا بأضعاف قالوا كلمتهم المشهورة "تغمس أخطاؤه في بحر حسناته" وقالوا "إذا بلغ الماء قلتين لم يحمل الخبث" وغير ذلك، وإذا أرادوا ذم آخر كسيد رحمه الله الذي يعد مجددا في باب (إن الحكم إلا لله) سلكوا معه طريق الخوارج وكفروه بالمعاصي والزلات.
وسيد رحمه الله لا ندعي له العصمة من الخطأ، بل نقول إن له أخطاء ليس هذا مجال تفصيلها، ولكنها لا تخل بأصل دعوته ومنهجه، كما أن عند غيره من الأخطاء التي لم تقدح في منزلتهم وعلى سبيل المثال ابن حجر والنووي وابن الجوزي وابن حزم، فهؤلاء لهم أخطاء في العقيدة إلا أن أخطاءهم لم تجعل أحدا من أبناء الأمة ولا أعلامها يمتنع من الاستفادة منهم أو يهضمهم حقهم وينكر فضائلهم، فهم أئمة إلا فيما أخطئوا فيه، وهذا الحال مع سيد رحمه الله فأخطاؤه لم تقدح في أصل منهجه ودعوته لتوحيد الحاكمية وتعبيد الناس لربهم.
والقاعدة التي يجب أن تقرر في مثل هذه الحالات هي ما يستفاد من قول الله تعالى ? يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما ? فكل من حقق ما يجب تحقيقه من أصل الدين، ينظر بعد ذلك في سائر منهجه فإن كان خطؤه أكثر من صوابه وشره يغلب على نفعه فإنه يهمل قوله وتطوى كتبه ولا تروى، وعلى ذلك فالقول الفصل في سيد رحمه الله أن أخطاءه مغمورة في جانب فضائله ودفاعه عن (لا إله إلا الله)، لا سيما أنه حقق أصول المعتقد الصحيح، وإن كان عليه بعض المآخذ وعبارات أطلقها لا نوافقه عليها رحمه الله.
وختاما:
لا يسعني إلا أن أذكر أنني أحسب سيدا والله حسيبه يشمله قوله عليه الصلاة والسلام ((سيد الشهداء حمزة، ورجل قام عند سلطان جائر فأمره ونهاه فقتله)) فنحسب أن سيدا رحمه الله قد حقق ذلك الشرط حيث قال كلمة حق عند سلطان جائر فقتله .. وأنقل كلمة له رحمه الله قبل إعدامه بقليل عندما أعجب أحد الضباط بفرح سيد قطب وسعادته عند سماعه نبأ الحكم عليه بالإعدام "الشهادة" وتعجب لأنه لم يحزن ويكتئب وينهار ويحبط فسأله قائلا: أنت تعتقد أنك ستكون شهيدا فما معنى شهيد عندك؟ أجاب رحمه الله قائلا: الشهيد هو الذي يقدم شهادة من روحه ودمه أن دين الله أغلى عنده من حياته، ولذلك يبذل روحه وحياته فداء لدين الله.
وله رحمه الله من المواقف والأقوال التي لا يشك عارف بالحق أنها صادرة عن قلب قد مليء بحب الله وحب رسوله صلى الله عليه وسلم، وحب التضحية لدينه، نسأل الله أن يرحمنا ويعفو عنا وإياه.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
قاله؛ حمود بن عقلاء الشعيبي 16/ 5/1421هـ
ـ[يوسف محمد مازي]ــــــــ[28 May 2009, 08:04 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
شكر الله لك أخي شاكر.وجزى الله خيرا شيخنا حمود على التأصيل الرزين الذي ينبغي أن يستحضر في كل مواطن التعريف التي وإن كانت تخلو من الغيبة فهي من القدح المذموم الذي يغير قلوب المؤمنين لذكر إخوانهم بما يكرهون.
ـ[أحمد بزوي الضاوي]ــــــــ[07 Jun 2009, 10:10 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم، و الصلاة و السلام على سيدنا محمد المبعوث رحمة للعاللمين.
الإخوة الأفاضل السادة: الأستاذ الدكتور عبد الفتاح محمد خضرـ حفظه الله ـ، والأستاذان شاكر و يوسف محمد مازي ـ حفظهما الله ـ.
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.
أما بعد، فإني أشكر لكم اهتمامكم و تواصلكم. وبالنسبة لموضوعنا فإننا نلاحظ للأسف الشديد رغبة مبيتة للنيل من أعلام الأمة، ومن ذلك تلكم الصيحات التي تتعالى من هنا و من هناك لتدمير تراثنا بصفة عامة، و التفسيري بصفة خاصة بدعاوى باطلة، تخدم مصالح (الاستعمار الجديد) بوعي أو بغير وعي. أما البحث العلمي الذي يعتمد الموضوعية، والأمانة العلمية، والرغبة المخلصة، والأكيدة للوصول إلى الحقيقة فإنه أمر مطلوب، لأنه يبين الجوانب الإيجابية ويعمل على تنميتها، والجوانب السلبية ويعمل على تجاوزها، وهو ما يمكننا من إنتاج المعرفة و تنميتها. ويحصن الأمة، ويحافظ على هويتها. و يضمن انفتاحها على الآخر انفتاحا إيجابيا، يصون الذات، ويحفظ كرامتها، دون تضخيم للأنا أو تفريط في الهوية.
أما عن طريقة التواصل معي ـ التي تساءل عنها الأستاذ مازي ـ حفظه الله ـ فيمكن أن تتم بالمراسلة على البريد الإلكتروني الشخصي: [email protected]
أو المراسلة عن طريق البريد العادي:
أحمد بزوي الضاوي.
شعبة الدراسات الإسلامية.
كلية الآداب و العلوم الإنسانية.
جامعة شعيب الدكالي.
الجديدة 24040.
المغرب.
والسلام عليكم و رحمة الله و بركاته.
¥