تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

دليلا على وجود الإيمان في القلب، والإشراك في الحاكمية بمعنى رفض شرع الله تعالى، وعدم الاستسلام لتوجيهاته أمرا أو نهيا، يقوم دليلا على عدم وجود الإيمان في القلب، فتحكيم المنهج الرباني في الحياة كلها، ورد الأمور - صغيرها وكبيرها شريفها وحقيرها- إلى الله تعالى، وإلى رسوله الكريم، ليس من قبيل الترف الفكري، وليس موكولا إلى أهوائنا، بل هو ضرورة إيمانية، قبل أن يكون ضرورة تشريعية أو تنظيمية للحياة البشرية وفي ذلك يقول سيد قطب:

«إن الاحتكام إلى منهج الله في كتابه ليس نافلة ولا تطوعا، ولا موضع اختيار، إنما هو الإيمان أو فلا إيمان {وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم} .. {ثم جعلناك على شريعة من الأمر فاتبعها ولا تتبع أهواء الذين لا يعلمون إنهم لن يغنوا عنك من الله شيئا، وإن الظالمين بعضهم أولياء بعض، والله ولي المتقين}.

والامر إذن جد .. إنه أمر العقيدة من أساسها .. ثم هو أمر سعادة هذه البشرية أو شقائها - إن هذه البشرية- وهي من صنع الله - لا تفتح مغاليق فطرتها إلا بمفاتيح من صنع الله، لا تعالج أمراضها وعللها إلا بالدواء الذي يخرج من يده -سبحانه- وقد جعل في منهجه وحده مفاتيح كل مغلق، وشفاء كل داء {وننزل من القرآن ما هو شفاء وراحة للمؤمنين} .. {إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم} ... ».

ج- الاعتقاد بالآخرة:

إن الاعتقاد بالآخرة، والإيمان بيوم القيامة، يوم الدين الذي يبعث فيه الناس جميعا، ليقفوا بين يدي الله تعالى ليجزي كل نفس ما كسبت «كلية من كليات العقيدة الإسلامية، ذات قيمة في تعليق أنظار البشر وقلوبهم بعالم آخر بعد عالم الأرض، فلا تستبد بهم ضرورات الأرض، وعندئذ يملكون الاستعلاء على هذه الضرورات، ولا يستبد بهم القلق على تحقيق جزاء سعيهم في عمرهم القصير، المحدود، وفي مجال الأرض المحصور، وعندئذ يملكون العمل لوجه الله، وانتظار الجزاء حيث يقدره الله في الأرض أو في الدار الآخرة سواء في طمأنينة لله، وفي ثقة بالخير، وفي إصرار على الحق، وفي سعة وسماحة ويقين، ومن ثم فإن هذه الكلية تعد مفرق الطريق بين العبودية

للنزوات والرغائب، والطلاقة الإنسانية اللائقة ببني الإنسان، بين الخضوع لتصورات الأرض وقيمها وموازينها، والتعلق بالقيم الربانية، والاستعلاء على منطق الجاهلية، مفرق الطريق بين الإنسانية في حقيقتها العليا التي أرادها الله الرب لعباده، والصور المشوهة المنحرفة التي لم يقدر لها الكمال. وما تستقيم الحياة البشرية على منهج الله الرفيع ما لم تتحقق هذه الكلية في تصور البشر، وما لم تطمئن قلوبهم إلى أن جزاءهم على الأرض ليس هو نصيبهم الأخير، وما لم يثق الفرد المحدود العمر بأن له حياة أخرى تستحق أن يجاهد لها، وأن يضحى لنصرة الحق والخير معتمدا على العوض الذي يلقاه فيها .. وما يستوي المؤمنون بالآخرة والمنكرون لها في شعور، ولا خلق، ولا سلوك، ولا عمل، فهما صنفان مختلفات من الخلق، وطبيعتان متميزتان في الأرض في العمل، ولا تلتقيان في الآخرة في جزاء. وهذا هو مفرق الطريق ... ».

د- طبيعة العلاقة بين الله ومخلوقاته:

إن الله سبحانه وتعالى قد خلق الكون كله بما فيه ومن فيه، ولم يتركه هملا، بل شمله بالرعاية والعناية التي «لا تنقطع ولا تغيب، لا كما كان أرقى تصور فلسفي لأرسطو مثلا يقول بأن الله أوجد هذا الكون ثم لم يعد يهتم به، لأن الله أرقى من أن يفكر فيما هو دونه، فهو لا يفكر إلا في ذاته! وأرسطو ـ وهذا تصوره ـ هو أكبر الفلاسفة، وعقله هو أكبر العقول .. ». واما علاقة الله تعالى بالكون كله عامة، وبالإنسان خاصة فهي علاقة «الرحمة التي تستجيش الحمد والثناء، إنها الصلة التي تقوم على الطمأنينة وتنبض بالمودة، فالحمد هو الاستجابة الفطرية للرحمة الندية. إن الرب الإله في الإسلام لا يطارد عباده مطاردة الخصوم والأعداء كآلهة الأولمب في نزواتها وثوراتها كما تصورها أساطير الإغريق، ولا يدبر لهم المكائد الانتقامية كما تزعم الأساطير المزورة في "العهد القديم" كالذي جاء في أسطورة برج بابل في الإصحاح الحادي عشر من سفر التكوين".

2 - أسس تتعلق بطبيعة الدين الإسلامي:

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير